فلما ثبت أن الصحابة لم يفعلوه، بل ولا أجازوه، علمنا أنه ليس في ذلك دلالة، فبقي أن يقال: ما معناه؟

فنقول: ذكر العلماء في معناه قولين: أحدهما: أنه توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فيدل: على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم في حياته، وبعد وفاته، إلا أن التوسل ليس فيه دعاء له، ولا استغاثة به، وإنما سأل الله بجاهه، وهذا ذكره الفقيه أبو محمد بن عبد السلام; فإنه أفتى: بأنه لا يجوز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأما التوسل به صلى الله عليه وسلم فيجوز إن صح الحديث فيه، يعني: حديث الأعمى.

[التوسل إلى الله بغير نبينا]

قال الشيخ: تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى: أما التوسل إلى الله بغير نبينا صلى الله عليه وسلم فلم نعلم أحدا من السلف فعله، ولا روى فيه أثرا، ولا نعلم فيه إلا ما أفتى ابن عبد السلام من المنع. وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ففيه حديث في السنن، وهو حديث الأعمى الذي أصيب بصره، فلأجل هذا الحديث، استثنى الشيخ التوسل به.

وللناس في معنى هذا الحديث قولان:

أحدهما: أن هذا التوسل هو الذي ذكره عمر رضي الله عنه لما استسقى بالعباس؛ فذكر: أنهم يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، ثم توسلوا بعمه العباس بعد موته، وتوسلهم به هو استسقاؤهم به، بحيث يدعو ويدعون معه، فيكون هو وسيلتهم إلى الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015