جعل الله لهم قدرة على ذلك، كما جعل الله للإنس. فهو ينادي من يسمع ويعين بنفسه ويرى بعينه، كما ينادي أصحابه الذين معه من الإنس. فأين هذا من الاستغاثة بأهل القبور؟! بل هذا من جنس ما يجوز طلبه من الأحياء، فإن الإنسان يجوز له أن يسأل المخلوق من الأحياء ما يقدر عليه، كما قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [سورة القصص آية: 15] ، وكما قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [سورة الأنفال آية: 72] ، وكما يستغيث الناس يوم القيامة بآدم، ثم بنوح، ثم بإبراهيم، ثم بموسى، ثم بعيسى، حتى يأتوا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم؛ بل هذا من جنس استغاثته برفقته من الإنس.

فإذا انفلتت دابته، ونادى أحد رفقته: يا فلان ردوا الدابة، لم يكن في هذا بأس; فهذا الذي ورد في الحديث من جنس هذا بل قد تكون قربة إذا قصد به امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأين هذا من استغاثة العبادة؟ بأن ينادي ميتا، أو غائبا في قطر شاسع، سواء كان نبيا أو عبدا صالحا؟!

الوجه السادس: أن الله تعالى قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [سورة المائدة آية: 3] ؛ فبعد أن أكمله بفضله ورحمته، فلا يحل له أن يخترع فيه ما ليس منه، ونقيس عليه ما لا يقاس عليه; بل الواجب اتباع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فنقول كما أمر به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015