المصالح الدينية.
وقد ذكر أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ فدرء مفسدة قمع أهل الحق، وعدم إظهار دينهم واجتماعهم عليه، والدعوة إلى ذلك، وعدم تشتيتهم وتشريدهم في كل مكان، مقدم على جلب مصلحة الإنكار على ولاة الأمور، مع قوتهم وتغلبهم وقهرهم، وعجز أهل الحق عن منابذتهم، وإظهار عداوتهم والهجرة عن بلادهم، بمجرد الدخول في طاعتهم في غير معصية الله ورسوله.
فإذا كان لأهل الدين حوزة، واجتماع على الحق، وليس لهم معارض فيما يظهرون به دينهم، ولا مانع يمنعهم من ذلك، وكون الولاة مرتدين عن الدين، بتوليهم الكفار، وهم مع ذلك لا يجرون أحكام الكفر في بلادهم، ولا يمنعون من إظهار شعائر الإسلام، فالبلد حينئذ بلد إسلام، لعدم إجراء أحكام الكفر، كما ذكر ذلك شيخنا الشيخ عبد اللطيف، رحمه الله، عن الحنابلة وغيرهم من العلماء.
وإذا كان الحال على ما وصفنا، فمراعاة درء مفسدة قمع أهل الحق، وتشريدهم وتشتيتهم وإذلالهم، وإظهار أهل الباطل باطلهم، وإعلاء كلمتهم على أهل الحق، وكذلك مراعاة جلب المصالح، في إعزاز أهل الحق، واحترامهم وعدم معارضتهم، مقدم والحالة هذه على مصلحة الإنكار