فإن قوله: {مُخْلِصاً} : حال من ضمير الفاعل المستتر، في قوله: {فَاعْبُدِ اللَّهَ} ، أي: حالة كونك مخلصاً له الأعمال الباطنة والظاهرة، وكذلك في قوله: {مُخْلِصِينَ} : حالة من الضمير البارز في قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُوا} ، أي: حالة كونهم مخلصين له إرادتهم وأعمالهم، دون كل ما سواه؛ ولهذا قال: {حُنَفَاءَ} ، والحنيف هو: الموحد المقبل على الله، المعرض عن كل ما سواه؛ وهذا هو التوحيد الذي خلقوا له، وبعث الله به رسله وأنزل به كتبه. يقرر ذلك: ما أخبر به عن قوم هود، لما قال لهم: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ} [سورة الأعراف آية: 65] ، فأجابوا ذلك بقولهم: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [سورة الأعراف آية: 70] . وفي قصة صالح، لما قال لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [سورة الأعراف آية: 59] ، {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [سورة هود آية: 62] ، وكما قال قوم شعيب: {يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} الآية [سورة هود آية: 87] .
فلا إله إلا الله، ما أشبه حال الأكثرين من هذه الأمة بحال تلك الأمم، لما دعوا إلى هذا التوحيد، الذي هو أصل دين الإسلام، وهو دين الله الذي لا يقبل من أحد ديناً سواه، وبه أرسل جميع الرسل، وأنزل به جميع الكتب، قال