أحدهما: أنهم إن أحسنوا القول رأوه كافياً، ولو ضيعوا العمل وارتكبوا النقيض، وما عرفوا أقوال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الخوارج: " يقولون من قول خير البرية، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " 1، وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم ويمقت من يقول ولا يفعل، ومن يخالف قوله فعله، كقوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [سورة الصف آية: 3] ، وكقوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [سورة البقرة آية: 14] . وقد ورد: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال".
الأمر الثاني: أن الأكثر ظنوا أن انتسابهم إلى الإسلام، ونطقهم بالشهادتين، عاصم للدم والمال، وإن لم يعملوا بمدلول لا إله إلا الله، من نفي الشرك، وتركه، وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، كالدعاء، والرجاء، والتوكل، وغير ذلك; ولم يعرفوا معنى قول الله تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [سورة الزمر آية: 3-4] ، وقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [سورة البينة آية: 5] ، وقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [سورة التوبة آية: 5] .