ثم قال: مسلم، ولم يقل: مؤمن ; قالوا: ولو كان أحد من المسلمين الموحدين يستحق أن لا يكون في قلبه إيمان وإسلام، كان أحق الناس به أهل النار، الذين يخرجون منها، لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقول: "أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان " 1 فثبت أن شر المسلمين في قلبه إيمان. ولما وجدنا الأمة تحكم بالأحكام التي ألزمها الله المسلمين، ولا يكفرونهم، ولا يشهدون لهم بالجنة، ثبت أنهم مسلمون، تجري عليهم أحكام المسلمين، وأنهم لا يستحقون أن يسموا مؤمنين، إذا كان الإسلام مثبتا للملة التي يخرج بها المسلم من جميع الملل، ويزول عنه اسم الكفر، ويثبت له أحكام المسلمين.
والمقصود معرفة ما قدمناه، من أن للدين ثلاث مراتب: أولها الإسلام، وأوسطها الإيمان، وأعلاها الإحسان. ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي قبلها؛ فالمحسن مؤمن، والمؤمن مسلم، وأما المسلم فلا يجب أن يكون مؤمنا. وهذا التفصيل الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل جاء به القرآن، فجعل الأمة على هذه الأوصاف الثلاثة ; فقال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} الآية [سورة فاطر آية: 32] . فالمسلم الذي لم يقم بواجب