فإن قيل: كيف أمسكتم عن اسم الإيمان أن تسموا به الفاسق، وأنتم تزعمون أن أصل الإيمان معه، وهو التصديق بالله ورسوله؟ قلنا: لأن الله ورسوله، وجماهير المسلمين، يسمون الأشياء بما علمت عليها من الأسماء، فيسمون الزاني فاسقا، والقاذف فاسقا، وشارب الخمر فاسقا، ولم يسموا واحدا من هؤلاء تقيا، ولا ورعا ; وقد أجمع المسلمون أن فيه أصل التقوى والورع، وذلك أنه يتقي أن يكفر، أو يشرك بالله، وكذلك يتقي أن يترك الغسل من الجنابة والصلاة، ويتقي أن يأتي أمه، فهو في جميع ذلك متق.

وقد أجمع المسلمون من الموافقين والمخالفين أنه لا يسمى تقيا ولا ورعا إذا كان يأتي بالفجور، مع أن أصل التقوى والورع باق. انتهى ; يريد باق من ادعائه الأصل، كتورعه عن إتيان المحارم، ثم لا يسمونه متقيا، ولا ورعا، مع إتيانه بعض الكبائر، بل يسمونه فاسقا، وفاجرا، مع علمهم أنه قد اتقى بعض التقوى والورع، فمنعهم من ذلك أن اسم التقى اسم ثناء وتزكية، وأن الله قد أوجب عليه المغفرة والجنة; قالوا: فلذلك لا نسميه مؤمنا ونسميه فاسقا، وزانيا، وإن كان في قلبه أصل اسم الإيمان، لأن الإيمان أصل أثنى الله به على المؤمنين، وزكاهم به، وأوجب لهم الجنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015