وأقره، ودعا إليه، وصوبه وحسنه، وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية، أو نظيره، أو شر منه، أو دونه، فتنتقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والبدعة سنة، والسنة بدعة؛ ويبدع الرجل بتجريد التوحيد، ومتابعة الرسول، ومفارقة أهل الهوى والبدع.
ومن له بصيرة وقلب حي يرى عيانا، والله المستعان. والكلام في هذه المسألة يحتاج إلى بسط طويل، ليس هذا محله، وإنما نبهناك على ذلك تنبيها، يعرف به كل من نور الله قلبه حقيقة الشرك، الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وحرم الجنة على فاعله.
ولكن من أعظم أنواعه، وأكثره وقوعا في هذه الأزمان: طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، كما ذكره المفسرون، عند قوله تعالى، حكاية عن قوم نوح: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [سورة نوح آية: 23] .
إن هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا، عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، كما ذكر البخاري في صحيحه، في تفسير سورة نوح، وكما ذكر غيره من أهل العلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما الشرك الأصغر: فكيسير الرياء، والحلف بغير الله، كما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من حلف بغير الله فقد