وَمُنْذِرِينَ} الآية [سورة البقرة آية: 213] .

وأما الحكمة الأخرى، فذكرها أيضا في غير موضع، منها قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [سورة النساء آية: 163] إلى قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء آية: 165] . فقوله: {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [سورة البقرة آية: 213] . وقوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [سورة النساء آية: 165] ، هما حكمة الله في إيجاد الخليقة، وإليهما ترجع كل حقيقة. فالواجب على من نصح نفسه أن يجعل معرفة هذا نصب عينيه.

ومن تفاصيل هذه الجملة: أن الناس اختلفوا في التوحيد، فجاءت الكتب والرسل، ففصلوا الخصومة بقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [سورة النحل آية: 36] . وقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [سورة الجن آية: 18] . فشملت أصل الأمر، وأصل النهي، الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله.

الثانية: أن الذين أقروا بالتوحيد، والبراءة من الشرك، اختلفوا: هل توجب هذه العداوة والمقاطعة؟ أو أنها كالسرقة والزنى؟ فحكم الكتاب بينهم بقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} الآية [سورة المجادلة آية: 22] . وقال صلى الله عليه وسلم: " إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إن وليي الله والمؤمنون " 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015