ذلك من غير نكير، فكان إجماعاً على جواز اتباع العامي العلماء المجتهدين.
ويلزم هذا العامي: أن يقلد الأعلم عنده، كما يلزمه في مسألة القبلة; فإذا اجتهد مجتهدان عند اشتباه القبلة، فاختلفا في الجهة، اتبع المقلد أوثقهما عنده; ولا يجوز له أن يتبع الرخص، بل يحرم ذلك عليه، ويفسق به; قال ابن عبد البر: لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً، ولا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب يأخذ بعزائمه ورخصه، قال الشيخ تقي الدين: في الأخذ برخص المذهب وعزائمه، طاعة لغير النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمره ونهيه، وهو خلاف الإجماع؛ وتوقف أيضاً في جوازه.
وبالجملة: فالعامي الذي ليس له من العلم حظ ولا نصيب، فَرْضُه التقليد؛ فإذا وقعت له حادثة، استفتى من عرفه عالماً عدلاً، أو رآه منتصباً للإفتاء والتدريس; واعتبر الشيخ تقي الدين، وابن الصلاح الاستفاضة بأنه أهل للفتيا، ورجحه النووي في الروضة، ونقله عن أصحابه.
وقال الشيخ تقي الدين: لا يجوز أن يستفتي إلا من يفتي بعلم وعدل; فعلى هذا لا يكتفى بمجرد انتسابه إلى العلم، ولو بمنصب تدريس أو غيره، لا سيما في هذا الزمان، الذي غلب فيه الجهل، وقل فيه طلب العلم،