عند العجز عن معرفة الدليل; وأهل هذا النوع، نوعان أيضاً: أحدهما: من كان من العوام الذين لا معرفة لهم بالفقه والحديث، ولا ينظرون في كلام العلماء، فهؤلاء: لهم التقليد بغير خلاف; بل حكى غير واحد: إجماع العلماء على ذلك.
النوع الثاني: من كان محصلاً لبعض العلوم، وقد تفقه في مذهب من المذاهب، وتبصر في كتب متأخري الأصحاب كالإقناع والمنتهى، في مذهب الحنابلة، أو المنهاج ونحوه في مذهب الشافعية أو مختصر خليل ونحوه في مذهب المالكية أو الكنْز ونحوه في مذهب الحنفية، ولكنه قاصر النظر عن معرفة الدليل، ومعرفة الراجح من كلام العلماء، فهذا له التقليد أيضاً، إذ لا يجب عليه إلا ما يقدر عليه و {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [سورة البقرة آية: 286] .
ونصوص العلماء على جواز التقليد لمثل هذا كثيرة مشهورة، وذلك لقوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل آية: 43] ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال " 1؛ ولم تزل العامة في زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم يستفتون العلماء، ويتبعونهم في الأحكام الشرعية، والعلماء يبادرون إلى إجابة سؤالهم، من غير إشارة إلى ذكر الدليل، ولا ينهونهم عن