أدخل أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله، ولا نفى أحد منهم أن يعلم أحد معناه، ولا جعل أسماء الله وصفاته بمنْزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إن الله ينْزل كلاما لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا: كلمات لها معان صحيحة. قالوا في أحاديث الصفات: تمر كما جاءت، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها، التي مضمونها: تعطيل النصوص عما دلت عليه.
ونصوص أحمد والأئمة قبله، بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية، ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه، كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد، والوعيد، والفضائل، وغير ذلك; وأحمد قد قال في غير أحاديث الصفات: تمر كما جاءت في أحاديث الوعيد، مثل قوله: " من غشنا فليس منا "1، وأحاديث الفضائل، ومقصودهم في ذلك: أن الحديث لا يحرف كلمه عن مواضعه، كما يفعله من يحرفه، ويسمي تحريفه تأويلا بالعرف المتأخر.
وعلى هذا فما بقي للتفويض معنى يصار إليه، على قول الناظم إلا تعطيل النصوص عما دلت عليه من المعاني اللائقة بجلال الله وعظمته، لأن ذلك عنده من المتشابه، أو