هؤلاء يتضمن تجهيل الرسول، وأنه لا يعلم معاني ما أنزل الله عليه، من ذكر أسمائه، وصفاته، ونعوت جلاله؛ وحقيقة ما يقوله هؤلاء: يا معشر العباد، لا تطلبوا معرفة الله، ولا ما يستحقه من الصفات، نفيا وإثباتا، لا من الكتاب ولا من السنة، ولا من طريق سلف الأمة، ولكن انظروا أنتم فيما وجدتموه مستحقا له من الصفات فصفوه به، سواء كان موجودا في الكتاب والسنة، أو لم يكن، وما لم تجدوه مستحقا له في عقولكم فلا تصفوه به.

ثم هم هنا فريقان: أكثرهم يقول: ما لم تثبته عقولكم فانفوه; ومنهم من يقول: بل توقفوا فيه، وما نفاه قياس عقولكم، الذي أنتم فيه مختلفون، ومضطربون اختلافا أكثر من جميع اختلاف على وجه الأرض، فانفوه، وإليه عند التنازع فارجعوا، فإنه الحق الذي تعبدتم به، وما كان مذكورا في الكتاب والسنة مما يخالف قياسكم هذا، ويثبت ما لم تدركه عقولكم، على طريقة أكثرهم، فاعلموا أنما امتحنتم بتنْزيله، لا لتأخذوا الهدى منه، لكن اجتهدوا في تخريجه على شواذ اللغة، ووحشي الألفاظ، وغرائب الكلام، أو أن تسكتوا عنه مفوضين علمه.

هذا حقيقة الأمر على رأي المتكلمين الذين كثر في باب معرفة الله اضطرابهم، وغلظ عن معرفة الله حجابهم، وإلا فقد كان من المعلوم أنه لم ينقل عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره، أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015