عنه; وقالوا: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدا وإليه يعود; فقالوا: منه بدا، ردا على الجهمية الذين يقولون: بدا من غيره، ومقصودهم أنه هو المتكلم به، كما قال تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [سورة الزمر آية: 1] ، وقال تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي} [سورة السجدة آية: 13] ، وأمثال ذلك.

ثم إنهم مع موافقتهم للسلف والأئمة والجمهور على هذا، اعتقدوا هذا الأصل; وهو أنه لا يقوم به ما يكون مقدورا له، متعلقاً بمشيئته، بناء على هذا الأصل، الذي وافقوا فيه المعتزلة; فاحتاجوا حينئذ إلى أن يثبتوا ما لا يكون مقدورا مرادا; قالوا: والحروف المنظومة والأصوات لا تكون إلا مقدورة مرادة، فأثبتوا معنى واحدا، لم يمكنهم إثبات معان متعددة، خوفا من إثبات ما لا نهاية له; فاحتاجوا أن يقولوا معنى واحدا، فقالوا القول الذي لزمته تلك اللوازم التي عظم فيها نكير جمهور المسلمين، بل جمهور العقلاء عليهم.

وأنكر الناس عليهم أمورا: إثبات معنى واحد، هو الأمر والخبر; وجعل القرآن العزيز ليس من كلام الله الذي تكلم به، وأن الكلام المنَزّل ليس هو كلام الله، وأن التوراة، والإنجيل، والقرآن، إنما تختلف عباراتها; فإذا عبروا عن التوراة بالعربية كان هو القرآن، وأن الله لا يقدر أن يتكلم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015