الأبد، إلا وقد فهمه موسى; وهذا يؤول إلى الكفر; فإن الله تعالى يقول: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [سورة البقرة آية: 255] ، ولو جاز ذلك لصار من فهم كلام الله عالما بالغيب، وبما يقول الله تعالى; وقد نفى الله تعالى ذلك بما أخبر به عن عيسى عليه السلام، أنه يقول: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [سورة المائدة آية: 116] . وإذا لم يجز إطلاقه، وألجئت إلى أن تقول: أفهمه الله ما شاء من كلامه، دخلت في التبعيض الذي هربت منه، وكفرت من قال به، ويكون مخالفك أسعد منك، لأنه قال بما اقتضاه النص الوارد من قبل الله، ومن قبل رسول الله; وأنت أبيت ألا تقبل ذلك، وادعيت أن الواجب المصير إلى حكم العقل في هذا الباب، وقد ردك العقلاء إلى موافقة النص خاسرا، فقال: هذا يحتاج إلى تأمل، وقطع الكلام.
وقال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي، في كتابه الذي سماه: الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول، وذكر اثني عشر إماما: الشافعي، ومالكا، والثوري، وأحمد، وابن عيينة، وابن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه والبخاري، وأبا زرعة، وأبا حاتم، ثم قال فيه: سمعت الإمام أبا منصور محمد بن أحمد يقول: سمعت الشيخ أبا حامد الإسفرائيني يقول: مذهبي، ومذهب الشافعي، وفقهاء