على هذا القول، ومنهم من احترز عما علم دخوله على هذا الحد، فزاد فيه: تنافي السكوت والخرس، والآفات المانعة من الكلام; ثم خرجوا من هذا إلى أن إثبات الحرف والصوت في كلام الله تجسيم، وإثبات اللغة فيه تشبيه. وتعلقوا بشبه، منها قول الأخطل:
إن البيان من الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
فغيروه وقالوا: إن الكلام من الفؤاد، وزعموا أن لهم حجة على مقالتهم، في قول الله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [سورة المجادلة آية: 8] ، وفي قول الله عز وجل {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} [سورة يوسف آية: 77] ، واحتجوا بقول العرب: أرى في نفسك كلاما، وفي وجهك كلاما; فألجأهم الضيق مما دخل عليهم في مقالتهم إلى أن قالوا: الأخرس متكلم، وكذلك الساكت، والنائم; ولهم في حال الخرس، والسكوت، والنوم، كلام هم متكلمون به، ثم أفصحوا بأن الخرس والسكوت والآفات المانعة من النطق ليست بأضداد الكلام; وهذه مقالة تبين فضيحة قائلها في ظاهرها، من غير رد عليه; ومن علم منه خرق إجماع الكافة، ومخالفة كل عقلي وسمعي قبله، لم يناظر، بل يجاب ويقمع.
وقال أيضا أبو نصر: خاطبني بعض الأشعرية يوما في هذا الفصل، فقال: التجزؤ على القديم غير جائز، فقلت له: أتقر بأن الله أسمع موسى كلامه، على الحقيقة بلا