العقلاء، على كون الكلام حرفا وصوتا.

فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه، وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل، وهم لا يجيزون أصول أهل السنة، ولا ما كان السلف عليه، ولا يحتجون بالأخبار الواردة في ذلك زعما منهم أنها أخبار أحاد، وهي لا توجب علما، وألزمتهم المعتزلة الاتفاق على أن الاتفاق حاصل على أن الكلام: حرف وصوت، ويدخله التعاقب والتأليف، وذلك لا يوجد في الشاهد إلا بحركة وسكون، ولا بد له من أن يكون ذا أجزاء وأبعاض; وما كان بهذه المثابة، لا يجوز أن يكون من صفات الله تعالى، لأن ذات الحق لا توصف بالاجتماع والافتراق، والكل والبعض، والحركة والسكون، وحكم الصفة الذاتية حكم الذات; قالوا: فعلم بهذه الجملة أن الكلام المضاف إلى الله تعالى، خلق له، أحدثه وأضافه إلى نفسه، كما تقول: خلق الله، وعبد الله، وفعل الله.

قال: فضاق بابن كلاب وأضرابه النفس عند هذا الإلزام، لقلة معرفتهم بالسنن، وتركهم قبولها، وتسليمهم العنان إلى مجرد العقل، فالتزموا ما قالته المعتزلة، وركبوا مكابرة العيان، وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة، المسلم والكافر; وقالوا للمعتزلة: الذي ذكرتموه ليس بحقيقة، وإنما سمي ذلك كلاما على المجاز، لكونه حكاية وعبارة عنه، وحقيقة الكلام: معنى قائم بذات المتكلم; فمنهم من اقتصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015