جميعها مجهول عندنا; قال: والمتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولدة، ما علمت أحدا سبقهم إليها; قالوا: هذه الصفات تمر كما جاءت ولا تؤول، مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد.
فتفرع من هذا أن الظاهر يعنى به أمران: أحدهما: أنه لا تأويل غير دلالة الخطاب، كما قال السلف: الاستواء معلوم; وكما قال سفيان، وغيره: قراءتها تفسيرها، يعني أنها بينة معروفة، واضحة في اللغة، لا يبتغى بها مضائق التأويل والتحريف، وهذا مذهب السلف، مع اتفاقهم أنها لا تشبه صفات البشر بوجه، إذ الباري لا مثل له في ذاته ولا في صفاته. الثاني: أن ظاهرها هو الذي يتشكل في الخيال من الصفة، كما يتشكل في الذهن من وصف البشر، فهذا غير مراد; فإن الله فرد صمد ليس له نظير، وإن تعددت صفاته فإنها حق، ولكنها ما لها مثل ولا نظير، فمن الذي عاينه ونعته لنا؟
والله إنا لعاجزون، كالون، حائرون، باهتون، في حد الروح التي فينا، وكيف تعرج كل ليلة، إذا توفاها باريها، وكيف يرسلها، وكيف تنتقل بعد الموت؟ وكيف حياة الشهيد المرزوق عند ربه بعد قتله؟ وكيف حياة النبيين الآن؟ وكيف شاهد النبي صلى الله عليه وسلم أخاه موسى يصلي في قبره؟ ثم رآه في السماء السادسة، وحاوره، وأشار إليه بمراجعة رب العالمين، وطلب التخفيف منه؟ وكيف ناظر موسى أباه آدم؟ وحجه آدم بالقدر