وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات; قال: ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله مستو على العرش، الذي هو فوق السماوات؛ فلولا أن الله على العرش، لم يرفعوا أيديهم نحو العرش; وقد قال قائلون - من المعتزلة، والجهمية، والحرورية - إن معنى استوى: استولى، وملك، وقهر، وأنه تعالى في كل مكان، وجحدوا أن يكون على عرشه، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة.

فلو كان كما قالوا، كان لا فرق بين العرش، وبين الأرض السابعة، لأنه قادر على كل شيء، وكذا لو كان مستويا على العرش بمعنى: الاستيلاء، لجاز أن يقال: هو مستو على الأشياء كلها; ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: إن الله مستو على الأخلية، والحشوش; فبطل أن يكون الاستواء على العرش: الاستيلاء، وذكر أدلة من الكتاب والسنة، والعقل، سوى ذلك; وكتاب الإبانة من أشهر تصانيف أبي الحسن، شهره الحافظ ابن عساكر، واعتمد عليه، ونسخه بخطه الإمام محي الدين النواوي.

فانظر - رحمك الله - إلى هذا الإمام، الذي ينتسب إليه الأشاعرة اليوم، لأنه إمام الطائفة المذكورة، كيف صرح بأن عقيدته في آيات الصفات وأحاديثها اعتقاد أهل السنة والجماعة، من الصحابة والتابعين وأئمة الدين; ولم يحك تأويل الاستواء بالاستيلاء، واليد بمعنى النعمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015