لم تكن محرّمة قبل، وفيه بشرى عظيمة لقائل ذلك: أنه يموت على الإسلام؛ إذ لا تجب الشفاعة إلا لمن هو كذلك، وشفاعته صلى الله عليه وسلم لا تختص بالمذنبين، بل تكون برفع الدرجات وغير ذلك كما يأتي.
فالشفاعة الواجبة لسائل الوسيلة: إما برفع درجات، أو تضعيف حسنات، أو بإكرامه بإيوائه إلى ظلّ العرش، أو كونه في مروج، أو على منابر، أو الإسراع بهم إلى الجنة، أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعض دون بعض.
وقوله: (له) أي: يخص بشفاعة ليست لغيره، أو يفرد بشفاعة مما يحصل لغيره تشريفا له، أو أن دخوله في الشفاعة لا بدّ منه.
وقوله: (شفاعتي) أي: أنه يشفع فيه بنفسه، والشفاعة تعظم بعظم الشافع، وقيّد القاضي عياض ذلك عن بعض شيوخه بمن قاله مخلصا مستحضرا إجلاله صلى الله عليه وسلم، دون من قصد به مجرد الثواب (?) ، وردّ بأنه تحكم غير مرض، ولو أخرج الغافل اللّاهي.. لكان أشبه، ويأتي جميع ما تقرر في خبر الدارقطني والبيهقي وغيرهما: «من زار قبري.. وجبت له شفاعتي» (?) وفي رواية: «حلّت له» .
وفائدة طلبه الوسيلة مع رجائه لها، ورجاؤه لا يخيب.. إعلامنا بأن الله تعالى لا يجب عليه لأحد من خلقه شيء، وأنّ له أن يفعل بمن شاء- وإن جلت مرتبته- ما شاء، ففي ذلك عظيم إظهار تواضعه وخوفه المقتضي لمزيد رقيّه وعلوّه، ففيه فائدة عائدة عليه صلى الله عليه وسلم وعلينا، ولقد غفل من لم يمعن النظر في هذا المقام عما ذكرته، فأجاب بانحصار فائدة ذلك لنا بامتثال ما أمرنا به في جهته الكريمة.
وروى أحمد: «من قال حين ينادي المنادي: اللهمّ؛ ربّ هذه الدعوة