وما قيل: إن رده صلى الله عليه وسلم على المسلّم عليه مختص بسلام زائره.. مردود بعموم الحديث، فدعوى التخصيص تحتاج إلى دليل، ويرده أيضا: الخبر الصحيح: «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن، كان يعرفه في الدنيا، فيسلّم عليه.. إلا عرفه وردّ عليه السلام» (?) ، فلو اختص رده صلى الله عليه وسلم بزائره.. لم يكن له خصوصية به لما علمت أن غيره يشاركه في ذلك.

قال أبو اليمن بن عساكر: وإذا جاز رده على من يسلم عليه من الزائرين لقبره.. جاز رده على من يسلم عليه من جميع الآفاق من جميع أمته صلى الله عليه وسلم على بعد مشقته.

و (أرمت) بفتح أوليه وسكون ثالثه وفتح آخره، أصله: أرممت؛ أي:

صرت رميما، قاله الخطابي، حذفت إحدى الميمين تخفيفا كأظلت؛ أي:

أظللت، والرميم والرّمة: العظام البالية، وقال غيره: الميم مشددة والتاء آخره ساكنة؛ أي: أرمّت العظام، وقيل: يروى بضم أوله وكسر ثانيه.

[مطلب في الحث على زيارة القبر الشريف]

وقال أبو طالب المكي صاحب «قوت القلوب» : (أقل الإكثار ثلاث مئة مرة) (?) ، وكأنه أخذ ذلك عن صالح، أو تجربة، أو جنح إلى من يجعل أقل عدد التواتر ثلاث مئة، وألغى الكسر وهو بضعة عشر.

ونهيه صلى الله عليه وسلم عن جعل قبره الشريف عيدا يحتمل أنه للحث على كثرة الزيارة، ولا يجعل كالعيد الذي لا يؤتى في العام إلا مرتين.

والأظهر: أنه إشارة إلى النهي الوارد في الحديث الآخر عن اتخاذ قبره مسجدا؛ أي: لا تجعلوا زيارة قبري عيدا من حيث الاجتماع لها كهو للعيد، وقد كانت اليهود والنصارى يجتمعون لزيارة قبور أنبيائهم، ويشتغلون باللهو والطرب، فنهى صلى الله عليه وسلم أمته عن ذلك، أو عن أن يتجاوزوا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015