دور:
على عيني بعاد الحلو ساعه ... ولكن للقضا سمعا وطاعه
لأن الروح في الدنيا وداعه ... عدمت الوصل آه يا قلبي علي
دور:
زمان الأنس راح عني وودع ... وصرت اليوم من ولهي مولع
وبعد الهجر هو الصبر ينفع ... عدمت الوصل آه يا قلبي علي
هذا ما بلغني من ترجمة "ألمس" ولم أجد من يطلعني على شيء من نوادرها وملحها الكثيرة.
هي امرأة من البندقية كانت ذات فكر ثاقب وجمال بارع أسرها لصوص البحر سنة 1580 م وهي سائرة مع أبيها من البندقية على "كورفو" فسقيت إلى القسطنطينية وصارت فيها من جواري السلطان مراد الثالث ثم تزوجها وجعلها سلطانة وأخذ حبها بمجامع قلبه كلمتها وكانت لها سطوة عجيبة في أيام ابنها السلطان محمد الثالث فكان يستشيرها في مصالح السلطنة غير أن حفيدها السلطان أحمد تغير عليها سنة 1603 للميلاد ووضعها في السرابة القديمة إلى أن ماتت.
هي بثينة بنت حبا بن ثعلبة بن لهوذ بن عمر بن الأصب بن حر بن ربيعة, كذلك نسبها صاحب الأغاني وهي من بني عذرة هام بها وذكرها في شعره جميل بن عبد الله بن معمر فعرف بها حتى إنه لا يعرف إلا بجميل بثينة. تزوجها رجل يقال له: نبيه بن الأسود وبقي جميل يتردد عليها بلا ريبة وكانت بثينة من أحسن النساء وأكملهن أدبا وظرفا وأطيبهن حديثا ولها مع جميل نوادر وأشعار ومغازلات كثيرة كلها مستورة بالعفة والأدب فمنها أن سبب ما علق بها جميل أنه أقبل يوما بإبله حتى أوردها واديا يقال له: بغيض فاضطجع وأرسل إبله ترعى وأهل بثينة يومئذ في جانب الوادي فأقبلت بثينة وجارة لها واردتين الماء, فمرتا على فصال له بروك فنفرتهن بثينة (أي انتهرتهن) فقال: قد نفرتهن وكانت إذ ذاك جويرية صغيرة فسبها جميل, فبادلته السب وشتمته هي أيضا فاستحسن سبابها وهام بها من ذاك الحين, وفي ذلك يقول:
وأول ما قاد المودة بيننا ... بوادي بغيض يا بثين سباب
وقلنا لها قولا فجاءت بمثله ... لكل كلام يا بثين جواب
وخرجت بثينة في يوم عيد وكانت النساء إذ ذاك يتزين ويجتمعن ويدنو بعضهن لبعض ويبدون للرجال في كل عيد فجاء جميل فوقف على بثينة وأختها أم الحسين في نساء من نبي الأحب فرأى منهن منظرا لطيفا فقعد معهن ثم انصرف وكان معه فتيان من بني الأحب فعلم أن القوم قد عرفوا في نظره حب بثينة ووجدوا عليه فراح وهو يقول:
عجل الفراق وليته لم يعجل ... وجرت بوادر دمعك المتهلل
طربا وشاقك ما لقيت ولم تخف ... بين الحبيب غداة برقة محول
وعرفت أنك حين رحت ولم يكن ... بعد اليقين وليس ذاك بمشكل
لن تستطيع إلى بثينة رجعة ... بعد التفرق دون عام مقبل