فأفاضت عليها من نعم القبول ما حمل مقدمته إلى نشر جميل الشكر والامتنان في جريدة الأهرام الغراء ذاكرة ما وعدت به الأميرة من المكارم والأحسان.
وفي حزيران (يوليو) سنة 1879 م طبع بأمر دولتها مثال للكتاب يتضمن المقدمة وترجمة حياة الأميرة -المشار إليها- وتراجم بعض النساء الشهيرات, وقد وزع في كثير من البلدان العربية غير أن سفر الجناب الخديوي السابق مع آل بيته الكرام إلى نابولي في تلك السنة أوقف السعي بإتمام القسم الثاني من تراجم الأحياء, ومن ثم فإن الحوادث الغريبة التي أضاعت قسما من المعدات والصور التي حضرت لتزيين الكتاب اضطرت المؤلفة أن تصبر على مضض الأيام وفي صدرها حزازات من حكم الزمان, ومن كساد بضائع الآداب في البلاد الشرقية.
وهذه الأسباب والمسببات التي قضت بتأجير هذا الكتاب إلى حين من الزمن ما برحت تتردد مع الأيام في فكر المؤلفة حتى توفاها الله في صباح يوم الإثنين من شهر نيسان (إبريل) سنة 1888 م بعد أن أوصت بإتمام مشروعها الذي قضت بين محابرة ودفاتره مدة العمر.
وقد رثاها حضرة الشاعر الأديب إلياس أفندي نوفل بقصيدة رنانة فمن جملة ما قال فيها عن وصف الفقيدة:
كانت لها التقوى كأبهى حلة ... وصنيع أيديها أجل خضابها
وجمال عنوان أسر جمالها ... وبياض باطنها كلون ثيابها
وردت سماحة وجهها عن قلبها ... وبدت معافها بطيء كتابها
ابن عمرو. وقيل: ابن عفر بن ثعلبة بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن علي بن جناب الكلبية زوجة عثمان بن عفان, وكان سبب زواجه بها أن سعيد بن العاص تزوج هند بنت الفرافصة, فبلغ ذلك عثمان, فكتب إليه: "أما بعد, فإنه قد بلغني أنك تزوجت امرأة من كلب فاكتب إلي بنسبها وجمالها".
فكتب إليه: "أما بعد, فإن نسبها أنها بنت الفرافصة بن الأخوص, وجمالها أنها بيضاء مديدة.
فكتب: "إن كانت لها أخت فزوجنيها" فبعث سعيد إلى الفرافصة يخطب ابنته على عثمان, فأمر ابنه ضبا أن يزوجها إياه, وكان ضب مسلما, وكان الفرافصة نصرانيا, فلما أرادوا حملها إليه قال لها أبوها: يا بنية, إنك تقدمين على نساء قريش هن أقدر على الطيب منك فاحفظي عني خصلتين فتكحلي وتطيبي بالماء حتى يكون ريحك شن ريح أصابه مطر, فلما حملت كرهت الغربة وحزنت لفراق أهلها فأنشدت تقول:
ألست يا ضب بالله إنني ... مصاحبة نحو المدينة أركبا
إذا قطعوا حزنا تحث ركابهم ... كما زعزعت ريح يراعا مثقبا