اكتسبتا عدة ملايين من الريالات وقد أعقب ذلك وقوع أرباب البنوكة ذوي اللحى والشوارب في وهدة الإفلاس.

وقد رسم بعض المصورين هاتين البنتين وعلى رأس كل منهما تاج رمزاً على القوة والتسلط وأطلقت الجرائد ألسنتها بالثناء الجميل والشكر الجزيل على مهارتهما وتغالت في ذلك حتى إن جريدة تلغراف نيويورك نشرت في صدر أحد أعدادها صورة تمثل البنتين راكبتين على عجلة يجرها رؤساء أكبر البيوت المالية فقامت جريدة نيويورك "هرالد" تصوب نحوهما سهام الانتقاد والتعزير وقالت: إن الشرائع الأمريكية وعادتها الأهلية تمنع النساء من السير في المناهج السياسية والدخول في ميادين الأعمال الاجتماعية مهما بلغت بهن درجة العلم والمعرفة. ولما اتصل بهما هذا الكلام لم تعبآ به بل أخذتا في اتباع طريقهما الأول وحثتا السير فيه, وانتهى الأمر بهما إلى أن أسستا جريدة أسبوعية بلغ عدد مشتركيها في زمن يسير (50000) نفس.

ولما كانت القوانين الأميركية تخول لجميع أبناء الوطن الذين بلغوا رشدهم الحق في إعطاء أصواتهم بشرط أن يدفعوا ما عليهم من العوائد والرسوم التي اقتضتها نظامات الحكومة, وكانت السيدة "ودهول" من بنات الوطن اللاتي توفر فيهن شروط بلوغ الرشد ولكنها لم تدفع ما استحق عليها من العوائد والرسوم فقد عرضت على هيئة الحكومة أن تعطي لها الإذن بالدخول في مصاف الهيئة الاجتماعية, وشفت عن استعدادها لدفع الرسوم المطلوبة, ثم أخذت تبرهن بعبارات فصيحة وقياسات صحيحة على وجوب مساواة النساء بالرجال في الحقوق الوطنية وتحزب لمذهبها جم غفير من الناس وخمسمائة عضو من مجلس النواب نائبين عن ست وعشرين مقاطعة.

وقد أخذ نجاح الأختين يتدرج في مدارك الزيادة والنمو حتى إنهما عولتا على نشر مبدئهما الحميد ألا وهو تحسين أحوال المرأة في العائلة وكانتا في كل أقوالهما وكتاباتهما توجهان سهام الانتقاد والتبكيت على كيفية تعليم الفتيات وقالتا: إنها مشحونة بقواعد طويلة مملة ومبادئ تميل بهن إلى اتخاذ التملق والخلق الذميم آلة لنوال مآربهن, وذكرتا غير مرة أن البنت تتعلم لتكون في المستقبل امرأة صالحة ووالدة مربية لا لتزويقها وتهيئتها لأن تكون داعية لاستلفات أنظار الشبان وأن أهلها وذوي قرابتها ومعلماتها يخفون عنها أنها لتكون في يوم من الأيام ربة بيتها ومديرة شؤون عائلة ستكون هي قوام نظامها, وركن سعادتها ودعامة عزها وشوكتها. ثم إنهم فوق ذلك لا يذكرونها بواجبها إذا صار بينها وبين الزواج زمن يسير.

وبالجملة فكانت جميع هذه الأقوال باعثة على قيام الجميع ضد هاتين الأختين فاتهموهما بنشر المبادئ الفاسدة والعبث بصفة النساء الطاهرات الذيل وقد تغالوا في اتهامهما فنسبوهما إلى بث المبادئ العاطلة في العادات السليمة والأخلاق الحالية. وبناء عليه صاروا يغلوا في غياهب السجن ورغماً عن كون المحكمة قد برأتهما وأطلقت سراحهما فإن الناس استمروا يسومونهما الحيف والخسف وقالت إحدى الجرائد الأمريكية في ذلك ما نصه: كانت إذا احتاجت "فكتوريا ودهول" أن تستأجر حجرة لتبيت فيها وكانت أجرة هذه الحجرة 2000 ريال لا يسمح لها بسكناها بأقل من 3000 ريال, وإذا نزلت بإحدى الفنادق كانت تدفع عشرة أمثال ما يدفعه غيرها وكثيراً ما قضيت الليالي خارج المنازل لعدم قبول أحد أن يضيفها في منزله.

ولما وصلت إلى هذا الحد حالتهما ورأتا عدم طيب المقام بارحتا أمريكا قاصدتين مدينة "لوندره" حيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015