إن برءا مما بهما صمت لله -عز وجل- ثلاثة أيام شكراً. وقالت فاطمة: كذلك, وقالت جاريتهما فضة النوبية: إن برأ سيداي صمت لله -عز وجل- شكراً, فلبس الغلامان العافية وليس عند آل محمد قليل ولا كثير, فانطلق علي إلى شمعون الخبيري فاستقرض منه ثلاثة آصع من شعير فجاء بها فوضعها فقامت فاطمة إلى صاع فطحنته واختبزته, وصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه إذ أتاهم مسكين فوقف على الباب فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد, مسكين من أولاد المسمين أطعموني أطعمكم الله -عز وجل- على موائد الجنة فسمعه علي فأمرهم بإعطائه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء.

فلما كان اليوم الثاني قامت فاطمة إلى الصاع وخبزته وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم ووضع الطعام بين يديه إذ أتاهم يتيم فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت محمد يتيم بالباب من أولاد المهاجرين استشهد والدي أطعموني فأعطوه الطعام فمكثوا يومين ولم يذوقوا إلا الماء.

فلما كان اليوم الثالث قامت فاطمة إلى الصاع الباقي فطحنته وأختبزته وصلى علي مع النبي صلى الله عليه وسلم ووضع الطعام بين يديه إذ أتاهم أسير فوقف بالباب وقال: السلام عليكم أهل بيت النبوة تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا, أطعموني فإني أسير, فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى ما بهم من الجوع فأنزل الله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) [الإنسان: 1] إلى قوله (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) [الانسان: 9] .

ومن ذلك يعلم أن المترجمة ساوت نفسها بسيدتها فاطمة الزهراء, فنالت بذلك فخراً لم ينله غيرها من نساء العرب وبقيت بخدمة هذا البيت حتى توفاها الله رضي الله عنها.

فطنت بنت أحمد باشا والي طرابزون

ولدت في طرابزونه سنة 1258 هجرية وتربت في بيت أبيها أحسن تربية إلى أن ترعرعت قابلة للتعليم, فقدمها والدها إلى مكتب حافظ أفندي أحد معلمي القراءة بتلك المدينة فصار يعلمها مبادئ القراءة التركية والفارسية والقرآن الشريف.

فلما تعلمت تلك المبادئ انتقل والدها إلى الروملي الشرقية فأحضر لها المعلمين للخط وتدريس باقي العلوم حتى تعلمت كافة ما تحتاج إليه من التهذيب والتأديب ومالت نفسها إلى العروض وبحوره وبرعت فيه أيضاً حتى صارت نادرة زمانها, ولها ديوان شعر باللغة التركية ومثله بالفارسية, ولما أتمت علومها وبرعت في كل ما ألقى إليها وآن أوان زواجها زوجها والدها من أحد الأدباء الأفاضل, فعاشت معه عيشة حسنة, وولدت له أولاداً وبنات, وتوفي عنها وهي في زهرة شبابها وبعد وفاته بمدة خطبها محمد علي بك أفندي كاتب أول نظارة البحرية في الأستانة وهي معه لغاية الآن في عيشة راضية. ولها مؤلفات عقلية وحكمية باللغة التركية وأشعار غزلية وغيرها منها:

سرنكون ايتدى فلك اسابني بيمانه سن ... ?ونكه دلشادا يلمزنا شادا ولان مستانه سن

عزم سوى مكيده الوير مدى جكدم اياق ... باشنه جالسون همان أول بيوفاد مخانه سن

عيش ونوش وصحبتي ذكمزانك هيج بر?وله ... نيلرم ظل سراب آسابو مهما نخانه سن

جرعه نوش باده ألطافي أو لمقدر محال ... بند كان ترك ايتمسونمي مجلس شاهانه سن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015