رأسها ما درسته من الفنون وما اطلعت عليه من سائر آداب وآثار الدنيا أخذت تطوف في كل جهة من العالم بصورة لائقة بمركزها قصد التسوح والتفرج على آثار الكون.
بعد أن نزعت ردائها وقبعتها وكنت قد سرحت بجملتها نظر الانتقاد قدمت لها ساعدي.
قالت: أيتها المدام إن جمعيتنا لما كانت خلوا من الرجال أقدم لك ساعدي فعساك أن تتفضلي بقبوله.
قالت: أشكر لك أيتها السيدة مكارم أخلاقك أفلست أنا متشرفة بالسيدة التي أثنت عليها صديقتي مدام ج.
قلت: إن العناية بالضيف فرض واجب القضاء علي فلا حاجة لما تفضلت به من عبارات الشكر والشرف الذي أشرت إليه إن هو إلا إحسان أولتنيه مدام ج. ... على غير استحقاق.
وبعد أن أخذت المدام بذراعها إلى القاعة عرفتها بصاحبة المنزل وأفراد العائلة وسائر من كان من الأقرباء والأنسباء كل منهن على حدة وترجمت لصاحبة الدار وأفراد العائلة التحيات التي كلفتها بها مدام ج. المومى إليها وبلغتها تشكر كل واحدة منهن وحينئذ تقدمت للمدام القهوة فشربت فنجانا كاملا وقالت: إنها مل تكن تألف شرب القهوة ولكن إنها لم تذق إلى الآن مثلها، ولذلك شربت الفنجان بتمامه أما أنا فقد بينت لها أن للترك طريقة مخصوصة لطبيخ القهوة تختلف عن طريقة الإفرنج وعرفتها كيفية طبخها، ثم أنبأتها أن القهوة هي من البن عكس التبغ فبمقدار تطوافها في البحر بمقدار ذلك يفسد طعمها، وأن هذه القهوة هي من البن اليمني قد أتى بها إلى الشام بواسطة عربان غزة وجلبت منها إلينا فلم تمر على البحر إلا من بيروت إلى هنا ولذلك كانت مرجحة على غيرها، ثم سألتني المدام عما إذا كان في عزم السيدات الموجودات عندنا أن يبتن في منزلنا هذه الليلة أم لا فقلت: أن منازل أكثرهن قائمة على الخليج فسيذهبن إليها على ضوء القمر وأن هاته الليلة هي الليلة الرابعة عشرة من الشهر فقد اخترنها للإفطار على قصد أن يستفدن بل يتمتعن بلطافة نور القمر وقت تمه.
قالت: إنني على حين كنت راضية بأن أجتمع بعائلة تركية فاجتماعي هذه الليلة اتفقا بعدة عائلات قد