لقد ظلموك يا مظلوم لما ... أقاموك الرقيب على عريب

ولو أولوك إنصافا وعدلا ... لما أخلوك أنت من الرقيب

أتنهين المريب عن المعاصي ... فكيف وأنت من شأن المرايب

وكيف يجانب الجاني ذنوبا ... لديك وأنت جالبة الذنوب

فإن يسترقبوك على عريب ... فما رقبوك أنت من القلوب

وأخبر بعضهم أنه لما نمى خبر عريب إلى محمد الأمين بعث في إحضارها وإحضار مولاها فأحضر وغنت بحضرة إبراهيم بن المهدي تقول:

لكل أناس جوهر متنافس ... وأنت طراز الآنسات الملائح

فطرب محمد واستعاد الصوت مرارا وقال لإبراهيم: يا عم، كيف سمعت. قال: يا سيدي سمعت حسنا وإن تطاولت بها الأيام وسكن روعها ازداد غناؤها حسنا فقال للفضل بن الربيع: خذها إليك وساوم بها ففعل فاشتط مولاها في السوم، ثم أوجبها له بمائة ألف دينار وانتقض أمر محمد وشغل عنها فلم يأمر لمولاها حتى قتل بعد أن افتضها فرجعت إلى مولاها، ثم هربت منه إلى حاتم بن عدي.

وقيل: إنها هربت من مولاها إلى ابن حامد فلم تزل عنده حتى قدم المأمون بغداد فتظلم إليه المراكبي من محمد بن حامد فأمر بإحضاره فسأله عنها، فأنكر. فقال له المأمون كذبت قد سقط إلي خبرك وأمر صاحب الشرطة أن يجرده في مجلس الشرطة ويضع عليه السياط حتى يردها فأخذه وبلغها الخبر فركبت حمار مكار وجاءت وقد جرد ليضرب وهي مكشوفة الوجه وهي تصيح أنا عريب إن كنت مملوكة فليبعني وإن كنت حرة فلا سبيل له علي فرفع خبرها إلى المأمون فأمر بتعديلها عنه قتيبة بن زياد القاضي فعدلت عنده وتقدم إليه المراكبي مطالبا بها فسأله البينة على ملكه إياها فعاد متظلما إلى المأمون.

وقال: قد طولبت بما لم يطالب به أحد في رقيق ولا يوجد مثله في يد من ابتاع عبدا أو أمة وتظلمت إليه زبيدة، وقال: من أغلظ ما جرى علي بعد قتل محمد ابني هجوم المراكبي على داري وأخذه عريبا منها.

فقال المراكبي إني أخذت ملكي لأنه لم ينقدني الثمن فأمر المأمون بدفعها إلى محمد بن عمر الواقدي وكان قد ولاه القضاء بالجانب الشرقي فأخذها من قتيبة بن زياد فأمر ببيعها ساذجة فاشتراها المأمون بخمسة آلاف درهم فذهبت به كل مذهب ميلا إليها ومحب لها، وقيل: إنه لما مات المأمون بيعتعت في ميراثه ولم يبع له عبد ولا أمة غيرها، فاشتراها المعتصم بمائة ألف درهم.

ثم أعتقها فهي مولاته وذكر بعضهم أنها لما هربت من دار محمد لما قتل تدلت من قصر الخلد بحبل إلى الطريق وهربت إلى حاتم بن عدي. وقيل: إن المأمون اشتراها بخمسة آلاف دينار ودعا بعبد الله بن إسماعيل فدفعها إليه وقال: لولا أني حلفت أن لا أشتري مملوكاً بأكثر من هذا لزدتك ولكني سأوليك عملا تكسب فيه أضعافا لهذا الثمن مضاعفة ورمى إليه بخاتمين من ياقوت أحمر قيمتهما ألف دينار، وخلع عليه خلعة سنية فقال: يا سيدي إنما ينتفع الأحياء بمثل هذا، وأما أنا فإني ميت لا محالة لأن هذه الجارية كانت حياتي وخرج عن حضرته فاختلط وتغير عقله ومات بعد أربعين يوما.

وقيل: إن إبراهيم بن رباح كان يتولى نفقات المأمون فوصف له إسحاق بن إبراهيم الموصلي عريب فأمره أن يشتريها فاشتراها بمائة ألف درهم قال: فأمرني المأمون بحملها وأن أحمل لإسحاق مائة ألف درهم أخرى ففعلت ذلك، ولم أدر كيف أثبتها فحكيت في الديوان أن المائة ألف خرجت في ثمن جوهرة، والمائة ألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015