لا يمزج الشك منهم صفو معتقد ... ولا يشين النقي باللم واللمم
بالسبق فازوا بتخصيص تقدهم ... فيه خليفته الصديق والقدم
لا عيب فيهم سوى أن لا يضام لهم ... وفد ولا يبخلوا بالرفد في العدم
طه الذي إن اخف ذنبي ولذت به ... أمنت خوفي ونجاني من النقم
ولا طمحت إلى شيء من الكرم ... إلا وبلغني فوق الذي أرم
ما هبت الريح إلا شمت برق وفا ... لي فيه وبل غطا من ديمة النعم
يا أكرم الرسل سؤلي فيك غير خف ... وأنت أكرم مدعو إلى الكرم
حسبي بحبك أن المرء يحشر مع ... أحبابه فهنائي غير منحسم
مدحت مجدك والإخلاص ملتزمي ... فيه وحسن امتداحي فيك مختتمي
إن ختام هذه القصيدة لم يأت في قصيدة غيرها من حسن الذوق السليم. ومن كثرة ما لها من العلم والفهم والإطلاع وسرعة الجواب فيه بدون روية سألها سائل نظما عن وطء النائمة، فقال:
ما قولك يا ستنا العالمة ... في رجل دت على نائمة
تفتحت تحسبه بعلها ... وهي بما لذ لها رائمة
فاستيقظت فأبصرت غيره ... عضت على إصبعها نادمة
فهل لها من فتوة عندكم ... مأجورة من ذاك أم آثمة
فأجابته على البديهة قائلة:
قالت لكم ستكم العالمة ... أنا لأهل العلم كالخادمة
أنقل ما قالوا وما أخبروا ... عن التي قد نكحت نائمة
الشافعي قال لها أجرها ... ما لم تكن في نكحها عالمة
والمالكي قال أنا فتوتي ... مأجورة في ذاك لا آثمة
والحنفي قال أتى رزقها ... في ظلمة الليل وهي حالمة
والحنبلي قال أنا فتوتي ... في هذه النكحة كالآثمة
لو لم يكن لذ لها طعمه ... لانتهضت من تحته قائمة