شاعرة تركية مشهورة ولدت في ديار بكر سنة 1814 ميلادية و1230 هجرية أتت بغداد وزارت مدافن الأولياء ورجعت إلى ديار بكر ثم شخصت إلى الأستانة وتوفيت فيها. ولها أشعار شائقة ومنظومات رائقة جميعها باللغة التركية والفارسية أعراضنا عن إيراد شيء منها لأنه ليس من موضوع هذا الكتاب.
كانت ذات فصاحة وأدب وجمال وكانت مع هذا الفتى على أعظم رتبة الحب من شدة تعلق كل منهما بصاحبه وكان في الحي رجل يحبها وهي لا تحبه فغار منهما فوشى به إلى أهلها فحجبوها عنه فتراسلا بالمحبة وبلغه، فأرسل زوجته عن لسانها إلى مالك بشتم وقطيعة، ولم يعرف أنها زوجة ذلك الرجل ولم تدر الزوجة تفصيل الأمر، وكان عند مالك أنفة، فخرج إلى مكة ناقضا للعهد.
فلما بلغ زوجة الرجل وجه الحيلة وما أخفاه زوجها أخبرت سعدى بما تم فخرجت على وجهها إلى مكة حتى اجتمعت به. قال كعب بن مسعدة الغفاري: خرجت أنا ومالك نمشي في القمر إذا بنسوة تقول إحداهن: أي والله هو، ثم قربن منا. فقالت إحداهن: قل لصاحبك:
ليست لياليك في حج بعائدة ... كما عهدت ولا أيام ذي سلم
فقلت قد سمعت فأجب قال قد انقطعت فأجب أنت فقلت ولم يحضرني غيره.
فقلت لها يا عز كل مصيبة ... إذا وطنت يوما لها النفس ذلت
وانصرفنا فما استقرينا إلا وجارية تقول: أجب المرأة التي كلمتك، فلما جئت إليها قالت: أنت المجيب. قلت: نعم، قالت: فما أقصر جوابك؟ قلت: لم يحضرني غيره. فقالت: لم يخلق الله أحب إلي من الذي معك. فقلت: علي أن أحضره إليك. فقالت: هيهات. فضمنته الليلة القابلة ورجعت فرأيته في منزلي فأخبرني بالقصة كالمكاشف فقلت له: قد ضمنت لها حضورك الليلة القابلة.
فلما كان الوقت مضينا فإذا بالمجلس قد طيب وفرش فجلسا فتعاتبا، فأنشدته أبيات عبد الله بن الدمينة:
وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشملت بي من كان فيك يلوم
وأبرزتني للناس ثم تركتني ... لها غرضا أرمى وأنت سليم
فلو كان قولا يكلم الجسم قد بدا ... بجسمي من قول الوشاة كلوم
فأجابها:
غدرت ولم أغدر وخنت ولم أخن ... وفي بعض هذا للحب عزاء
جزيتك ضعف الود ثم حرمتني ... فحبك في قلبي إلي إذاء
فالتفتت إلي وقالت: ألا تسمع؟ فغمزته فكف ثم أنشدت:
تجاهلت وصلي حين لاحت عمايتي ... فهلا صرمت الحبل إذ أنا أبصر
ولي من قوى الحبل الذي قد قطعته ... نصيب ولا أرى وعقل موقر
ولكنما آذنت بالصرم بغتة ... ولست على مثل الذي جئت أقدر