من مشاهير الأرض وإذا تعبت من عمل ترتاح بمزاولة آخر فصنعت أوقات الراحة تماثيل كثيرة لزوجها ولبعض أصدقائها ومثلت نفسها قابضة على الجمجمة وأخذت تشريح الدماغ ومما يكاد يفوق التصديق أن هذه المرأة الفاضلة التي توسلت إلى حكومة " بولونية" لكي يزيد راتبها السنوي مائتي فرنك ولم تجبها إلى طلبها عرض عليها مراراً كثيرة أن تأتي إلى مدينة " لورندة" براتب كبير جدا، وأرسلت إمبراطورة روسيا تدعوها إليها ووعدتها أن تعطيها مهما طلبت وأرسلت مدرسة " ميلان" تدعوها إلهيا وفوضت إليها أن تختار الأجرة التي تريدها وتشترط الشروط التي تختارها وطلبت منها مدارس أخرى نفس هذا الطلب· فأجابت كل هؤلاء أنها تفضل البقاء في مدرسة " بولونية" على ما سواها وأرسلت لكل منهم مجموعا كاملا من مصنوعاتها التشريحية وشرحا كافيا وافيا يغني عنها، ولثبت بين الدفاتر والمحابر والدرس والتدريس إلى أن وافتها المنية سنة 1774م ولها من العمر 68 سنة·

حرف الخاء

خديجة ابنة خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب

أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره بل أول إنسان أسلم لم يسلم قبلها أحد لا ذكر ولا أنثى· وقيل: كانت تسمى في الجاهلية الطاهرة وكنيت بأم هند وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم من بني عامر ابن لؤي تزوجها عتيق بن عائذ المخزومي، فمات عنها وله منها ولد، ثم تزوجها أبو هالة هند بن زرارة· وقيل: تزوجها قبل عتيق فما مات عنها أبو هالة وله منها هند· والظاهر أنه خلف لها ثروة عظيمة وكانت هي ذات ثروة وافرة فكانت تستأجر الرجال للتجارة في مالها، وتضاربهم بشيء تجعله لهم منه وكانت قريش تكثر التجارة في بلاد الشام، فلما بلغها عن النبي صلى الله عليه وسلم صدق الحديث وعظم الأمانة، وكرم الأخلاق أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام تاجرا مع غلامها ميسرة وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره· وفي رواية: أنه لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة قال له عمه أبو طالب: أنا رجل لا مال لي، وقد اشتد علينا الزمان، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيرها فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك، فبلغ ذلك خديجة فأرسلت إليه وقالت له: أنا أعطيك ضعف ما أعطي غيرك من قومك· وفي رواية أخرى: أن أبا طالب أتاها فقال لها: هل لك أتستأجري محمدا فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين ولسنا نرضى لمحمد دون أربع بكرات· فقال: لو سألت ذلك لبعيد بغيض لفعلنا فكيف وقد سألت لحبيب قريب! فقال أبو طالب: هذا رزق ساقه الله إليك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مع غلامها ميسرة حتى بلغ بصرى من الشام فنزل في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب فقال الراهب لميسرة: من هذا الرجل؟ فقال: رجل من قريش· فقال: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، ثم باع الرسول واشترى وعاد وقد ربح ضعف ما كان يربح غيره، فلما كانوا بمر الظهران تقدم الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر خديجة بالربح ثم قدم ميسرة وقد أحب النبي وأخبرها بما سمع من الراهب فأضعفت للنبي صلى الله عليه وسلم ماوعدته وقد رأت ربحا وافرا، وكانت امرأة حاذقة عاقلة شريفة من أوساط نساء قريش نسبا وأكثرهن مالا وشرفا، وكان كل من قومها يتمنى أن يتزوج بها فلم يقدروا، فلما رأت ذلك من محمد صلى الله عليه وسلم أرسلت وعرضت نفسها عليه فأتى مع أعمامه إلى أبيها خويلد وخطبها إليه· ثم تزوجها وكان عمره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015