(وَ) أَخَّرَ (الْمَغْرِبَ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ) أَيْ كَثْرَتِهَا (كُرِهَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَتْوَى. وَفِي النِّصَابِ وَغَيْرِهِ: وَبِهِ نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَمَشَايِخِ بَلْخٍ وَغَيْرِهِمْ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ وَفِيهَا: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤَخِّرَ تَأْخِيرًا لَا يُمْكِنُ الْمَسْبُوقَ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ اهـ. وَقِيلَ حَدُّ التَّغَيُّرِ أَنْ يَبْقَى لِلْغُرُوبِ أَقَلُّ مِنْ رُمْحٍ، وَقِيلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ الشُّعَاعُ عَلَى الْحِيطَانِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ عِشَاءٍ) أَطْلَقَهُ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ يَوْمِ الْغَيْمِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ) كَذَا فِي الْكَنْزِ وَالْمُخْتَارِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا. وَعِبَارَةُ الْقُدُورِيِّ إلَى مَا قَبْلِ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّوْفِيقِ بِمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا بِمَا فِي الدُّرَرِ.

(قَوْلُهُ: قَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) وَفِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ فِي الصَّيْفِ يُعَجِّلُ كَيْ لَا تَتَقَلَّلَ الْجَمَاعَةُ.

(قَوْلُهُ: كُرِهَ) أَيْ تَحْرِيمًا كَمَا يَأْتِي تَقْيِيدُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ تَنْزِيهًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا نَذْكُرُهُ عَنْ الْحِلْيَةِ.

(قَوْلُهُ: لِتَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ يُؤَخِّرُهَا لِعَدَمِ الْجَمَاعَةِ فِي حَقِّهِ، تَأَمَّلْ رَمْلِيٌّ: أَيْ لَوْ أَخَّرَهَا لَا يُكْرَهُ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا إلَيْهِ فَمُبَاحٌ) أَيْ أَمَّا تَأْخِيرُهَا إلَى النِّصْفِ فَمُبَاحٌ لِتَعَارُضِ دَلِيلِ النَّدْبِ وَهُوَ قَطْعُ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ، وَدَلِيلُ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ فَثَبَتَتْ الْإِبَاحَةُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قُلْت لَكِنْ نَقْلُ الْحِلْيَةِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ إلَى النِّصْفِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَوْجَهُ دَلِيلًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَسَاقَهَا، وَقَالَ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ. اهـ.

[تَنْبِيهٌ] أَشَرْنَا إلَى أَنَّ عِلَّةَ اسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ فِي الْعِشَاءِ هِيَ قَطْعُ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ الْكَلَامُ بَعْدَهَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُمَا إلَّا حَدِيثًا فِي خَيْرٍ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا سَمَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ» يَعْنِي الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ (إلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مُصَلٍّ أَوْ مُسَافِرٍ) وَفِي رِوَايَةٍ (أَوْ عِرْسٍ) . اهـ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا كُرِهَ النَّوْمُ قَبْلَهَا لِمَنْ خُشِيَ عَلَيْهِ فَوْتُ وَقْتِهَا أَوْ فَوْتُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ وَكَّلَ نَفْسَهُ إلَى مَنْ يُوقِظُهُ فَيُبَاحُ لَهُ النَّوْمُ. اهـ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَإِنَّمَا كُرِهَ الْحَدِيثُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى اللَّغْوِ أَوْ إلَى تَفْوِيتِ الصُّبْحِ أَوْ قِيَامِ اللَّيْلِ لِمَنْ لَهُ عَادَةٌ بِهِ، وَإِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَحِكَايَاتِ الصَّالِحِينَ وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثُ مَعَ الضَّيْفِ. اهـ. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ اخْتِتَامُ الصَّحِيفَةِ بِالْعِبَادَةِ، كَمَا جُعِلَ ابْتِدَاؤُهَا بِهَا لِيُمْحَى مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الزَّلَّاتِ، وَلِذَاكِرِهِ الْكَلَامُ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ خَشِيَ فَوْتَ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ وَإِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ، نَعَمْ لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ تَفْوِيتُ الصُّبْحِ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَفْرِيطًا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ الْعَصْرَ) مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِاصْفِرَارِ ذُكَاءَ تَغَيُّرُهَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ.

(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الْعَصْرِ بِمَعْنَى صَلَاتِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا يُكْرَهُ) لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْكَرَاهَةِ مَعَ الْإِقْبَالِ عَلَى الصَّلَاةِ مُتَعَذِّرٌ فَجُعِلَ عَفْوًا بَحْرٌ

(قَوْلُهُ: إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ) هُوَ الْأَصَحُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ مَا لَمْ يَغِبْ الشَّفَقُ بَحْرٌ أَيْ الشَّفَقُ الْأَحْمَرُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَقَعُ الشَّكُّ. وَفِي الْحِلْيَةِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ السُّنَّةَ فِعْلُ الْمَغْرِبِ فَوْرًا وَبَعْدَهُ مُبَاحٌ إلَى اشْتِبَاكِ النُّجُومِ فَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ اهـ قُلْت أَيْ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَاحَ مَا لَا يَمْنَعُ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ التَّنْزِيهِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ كَثْرَتِهَا) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَاشْتِبَاكُهَا أَنْ يَظْهَرَ صِغَارُهَا وَكِبَارُهَا حَتَّى لَا يَخْفَى مِنْهَا شَيْءٌ، فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَثْرَتِهَا وَانْضِمَامِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كُرِهَ) يَرْجِعُ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ ط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015