مُعَرَّضَةً بِأَيْدِيهِمْ تَنْتَهِبُ فَوَائِدَهَا ثُمَّ تَرْمِيهَا بِالْكَسَادِ:

أَخَا الْعِلْمِ لَا تَعْجَلْ بِعَيْبِ مُصَنِّفٍ ... وَلَمْ تَتَيَقَّنْ زَلَّةً مِنْهُ تَعْرِفُ

فَكَمْ أَفْسَدَ الرَّاوِي كَلَامًا بِعَقْلِهِ ... وَكَمْ حَرَّفَ الْأَقْوَالَ قَوْمٌ وَصَحَّفُوا

وَكَمْ نَاسِخٍ أَضْحَى لِمَعْنًى مُغَيِّرًا ... وَجَاءَ بِشَيْءٍ لَمْ يُرِدْهُ الْمُصَنِّفُ

وَمَا كَانَ قَصْدِي مِنْ هَذَا أَنْ يُدْرَجَ ذِكْرِي بَيْنَ الْمُحَرِّرِينَ. مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَالْمُؤَلِّفِينَ. بَلْ الْقَصْدُ رِيَاضُ الْقَرِيحَةِ وَحِفْظُ الْفُرُوعِ الصَّحِيحَةِ. مَعَ رَجَاءِ الْغُفْرَانِ. وَدُعَاءِ الْإِخْوَانِ، وَمَا عَلَيَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى اسْمِ أَضْحَى أَوْ عَلَى الِابْتِدَائِيَّةِ وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ لِلْحَالِ، وَمُعَرَّضَةً بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ أَضْحَى أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. وَبِأَيْدِيهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِهِ: أَيْ مَنْصُوبَةً بِأَيْدِيهِمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: جَعَلْت الشَّيْءَ عُرْضَةً لَهُ: أَيْ نَصَبْته: أَوْ بِفَتْحِ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً مِنْ أَعْرَضَ بِمَعْنَى أَظْهَرَ: أَيْ مُظْهَرَةً فِي أَيْدِيهِمْ وَالضَّمِيرُ لِلْحُسَّادِ، وَجُمْلَةُ تَنْتَهِبُ أَيْ الْحُسَّادُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَعْلُومِ حَالِيَّةٌ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ هِيَ الْخَبَرُ وَمُعَرَّضَةً حَالٌ. وَرَمْيُهَا بِالْكَسَادِ كِنَايَةٌ عَنْ هَجْرِهَا أَوْ ذَمِّهَا. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُسَّادَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهَا بَلْ يَنْتَهِبُونَ فَوَائِدَهَا وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا ثُمَّ يَذُمُّونَهَا وَيَقُولُونَ إنَّهَا سِلْعَةٌ كَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ: أَخَا الْعِلْمِ) مُنَادَى عَلَى حَذْفِ أَدَاةِ النِّدَاءِ وَالْأَخُ: مِنْ النَّسَبِ وَالصِّدِّيقُ وَالصَّاحِبُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَالْمُرَادُ الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ: بِعَيْبِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ، وَإِنْ جُعِلَ الْعَيْبُ اسْمًا لِمَا يُوجِبُ الذَّمَّ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ بِذِكْرِ عَيْبٍ ط (قَوْلُهُ: مُصَنِّفٍ) بِكَسْرِ النُّونِ أَوْ بِفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَيَقَّنْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ: مِنْهُ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِزَلَّةٍ وَجُمْلَةُ تَعْرِفُ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ أَوْ حَالٌ. أَوْ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَعْرِفُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِزَلَّةٍ (قَوْلُهُ: فَكَمْ) خَبَرِيَّةٌ لِلتَّكْثِيرِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا خَبَرٌ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِيمَا إذَا وَلِيَهَا فِعْلٌ مُتَعَدٍّ أَخَذَ مَفْعُولَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: بِعَقْلِهِ) الْبَاءُ لِلْآلَةِ أَيْ أَنَّ عَقْلَهُ هُوَ الْآلَةُ فِي الْإِفْسَادِ ط (قَوْلُهُ: وَكَمْ حَرَّفَ) التَّحْرِيفُ التَّغْيِيرُ. وَالتَّصْحِيفُ: الْخَطَأُ فِي الصَّحِيفَةِ قَامُوسٌ. لَكِنْ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْعِرَاقِيِّ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا: التَّحْرِيفُ الْخَطَأُ فِي الْحُرُوفِ بِالشَّكْلِ. وَالتَّصْحِيفُ الْخَطَأُ فِيهَا بِالنُّقَطِ وَاللَّحْنُ: الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ اهـ. وَفِي تَعْرِيفَاتِ السَّيِّدِ: تَجْنِيسُ التَّحْرِيفِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ فِي الْهَيْئَةِ كَبُرْدٍ وَبَرْدٍ وَتَجْنِيسُ التَّصْحِيفِ أَنْ يَكُونَ الْفَارِقُ نُقْطَةً كَأَنْقَى وَأَلْقَى. اهـ. (قَوْلُهُ: أَضْحَى لِمَعْنًى مُغَيِّرًا) اللَّامُ فِي الْمَعْنَى زَائِدَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَفْعُولِ عَلَى عَامِلِهِ مَعَ أَنَّ الْعَامِلَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِعْلِ فَضَعُفَ عَنْ الْمَعْمُولِ وَتَغْيِيرِ النَّاسِخِ الْمَعْنَى بِسَبَبِ تَغْيِيرِهِ الْأَلْفَاظَ وَجُمْلَةُ وَجَاءَ إلَخْ مُؤَكِّدَةٌ، وَهَذَا مَعْنَى مَا يُقَالُ النَّاسِخُ عَدُوُّ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ التَّأْلِيفِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُدْرَجَ) أَيْ يَجْرِيَ. وَفِي الْقَامُوسِ: دَرَجَتْ الرِّيحُ بِالْحَصَى أَيْ جَرَتْ عَلَيْهِ جَرْيًا شَدِيدًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَالْمُؤَلِّفِينَ) التَّأْلِيفُ: جَعْلُ الْأَشْيَاءِ الْكَثِيرَةِ بِحَيْثُ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ كَانَ لِبَعْضِهَا نِسْبَةٌ إلَى بَعْضٍ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَوْ لَا. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ التَّأْلِيفُ أَعَمَّ مِنْ التَّرْتِيبِ اهـ تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ. قِيلَ وَأَعَمُّ مِنْ التَّصْنِيفِ لِأَنَّهُ مُطْلَقُ الضَّمِّ، وَالتَّصْنِيفُ جَعْلُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ. وَقِيلَ الْمُؤَلِّفُ مَنْ يَجْمَعُ كَلَامَ غَيْرِهِ وَالْمُصَنِّفُ مَنْ يَجْمَعُ مُبْتَكَرَاتِ أَفْكَارِهِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قِيلَ وَاضِعُ الْعِلْمِ أَوْلَى بِاسْمِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُؤَلِّفِ (قَوْلُهُ: رِيَاضُ) فِي الْقَامُوسِ رَاضَ الْمُهْرَ رِيَاضًا وَرِيَاضَةً: ذَلِكَ اهـ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ مَسَائِلُ الرِّيَاضَةِ. قَالَ الشِّنْشَوْرِيِّ أَيْ الَّتِي تُرَوِّضُ الْفِكْرَ وَتُذَلِّلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّمْرِينِ عَلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: الْقَرِيحَةِ) فِي الصِّحَاحِ: الْقَرِيحَةُ أَوَّلُ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ الْبِئْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِفُلَانٍ قَرِيحَةٌ جَيِّدَةٌ: يُرَادُ اسْتِنْبَاطُ الْعِلْمِ بِجَوْدَةِ الطَّبْعِ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا آلَةُ الِاسْتِنْبَاطِ: وَهِيَ الذِّهْنُ (قَوْلُهُ: وَدُعَاءِ) عَطْفٌ عَلَى الْغُفْرَانِ (قَوْلُهُ: وَمَا عَلَيَّ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015