وَالْكَمَالِ وَابْنِ الْكَمَالِ، مَعَ تَحْقِيقَاتٍ سَنَحَ بِهَا الْبَالُ، وَتَلَقَّيْتهَا عَنْ فُحُولِ الرِّجَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَقْلِ، قَوِيَّ النَّفْسِ، عَظِيمَ الْهَيْبَةِ، أَخَذَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ وَالْعَلَّامَةُ الْفَنَرِيُّ، وَعُرِضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَامْتَنَعَ. لَهُ التَّفْسِيرُ وَشَرْحُ الْمَشَارِقِ وَشَرْحُ مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَشَرْحُ عَقِيدَةِ الطُّوسِيِّ وَالْعِنَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ وَشَرْحُ السِّرَاجِيَّةِ، وَشَرْحُ أَلْفِيَّةِ ابْنِ مُعْطِي، وَشَرْحُ الْمَنَارِ وَشَرْحُ تَلْخِيصِ الْمَعَانِي، وَالتَّقْرِيرُ شَرْحُ أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ (786) وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ السُّلْطَانُ فَمَنْ دُونَهُ، وَدُفِنَ بالشَّيْخُونِيَّةِ فِي مِصْرَ (قَوْلُهُ: وَالْكَمَالِ) هُوَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ حَيْثُ أُطْلِقَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ السِّيوَاسِيُّ ثُمَّ السَّكَنْدَرِيُّ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْهُمَامِ وُلِدَ تَقْرِيبًا سَنَةَ (790) وَتَفَقَّهَ بِالسَّرَّاجِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَبِالْقَاضِي مُحِبِّ الدِّينِ بْنِ الشِّحْنَةِ، لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَكَانَ يَقُولُ أَنَا لَا أُقَلِّدُ فِي الْمَعْقُولَاتِ أَحَدًا. وَقَالَ الْبُرْهَانُ الْأَبْنَاسِيُّ وَكَأَنَّهُ مِنْ أَقْرَانِهِ لَوْ طَلَبْت حُجَجَ الدِّينِ مَا كَانَ فِي بَلَدِنَا مَنْ يَقُومُ بِهَا غَيْرَهُ، وَكَانَ لَهُ نَصِيبٌ وَافِرٌ مِمَّا لِأَصْحَابِ الْأَحْوَالِ مِنْ الْكَشْفِ وَالْكَرَامَاتِ، وَكَانَ تَجَرَّدَ أَوَّلًا بِالْكُلِّيَّةِ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الطَّرِيقِ ارْجِعْ، فَإِنَّ لِلنَّاسِ حَاجَةً بِعِلْمِك، وَكَانَ يَأْتِيهِ الْوَارِدُ كَمَا يَأْتِي السَّادَةَ الصُّوفِيَّةَ لَكِنَّهُ يُقْلِعُ عَنْهُ بِسُرْعَةِ لِمُخَالَطَتِهِ لِلنَّاسِ، وَشَرَحَ الْهِدَايَةَ شَرْحًا لَا نَظِيرَ لَهُ سَمَّاهُ فَتْحَ الْقَدِيرِ، وَصَلَ فِيهِ إلَى أَثْنَاءِ كِتَابِ الْوِكَالَةِ، وَلَهُ كِتَابُ التَّحْرِيرِ فِي الْأُصُولِ الَّذِي لَمْ يُؤَلَّفْ مِثْلُهُ وَشَرَحَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ، وَلَهُ الْمُسَايَرَةُ فِي الْعَقَائِدِ، وَزَادُ الْفَقِيرِ فِي الْعِبَادَاتِ. تُوُفِّيَ بِالْقَاهِرَةِ سَنَةَ (861) وَحَضَرَ جِنَازَتَهُ السُّلْطَانُ فَمَنْ دُونَهُ كَمَا فِي طَبَقَاتِ التَّمِيمِيِّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَابْنِ الْكَمَالِ) هُوَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ كَمَالِ بَاشَا، الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الرُّحْلَةُ الْفَهَّامَةُ. كَانَ بَارِعًا فِي الْعُلُومِ، وَقَلَّمَا أَنْ يُوجَدَ فَنٌّ إلَّا وَلَهُ فِيهِ مُصَنَّفٌ أَوْ مُصَنَّفَاتٌ دَخَلَ إلَى الْقَاهِرَةِ صُحْبَةً لِلسُّلْطَانِ سَلِيمٍ لَمَّا أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْجَرَاكِسَةِ، وَشَهِدَ لَهُ أَهْلُهَا بِالْفَضْلِ وَالْإِتْقَانِ، وَلَهُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَحَوَاشٍ عَلَى الْكَشَّافِ وَحَوَاشٍ عَلَى أَوَائِلِ الْبَيْضَاوِيِّ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لَمْ يَكْمُلْ وَالْإِصْلَاحُ وَالْإِيضَاحُ فِي الْفِقْهِ وَتَغْيِيرُ التَّنْقِيحِ فِي الْأُصُولِ وَشَرْحُهُ. وَتَغْيِيرُ السِّرَاجِيَّةِ فِي الْفَرَائِضِ وَشَرْحُهُ وَتَغْيِيرُ الْمِفْتَاحِ وَشَرْحُهُ وَحَوَاشِي التَّلْوِيحِ وَشَرْحُ الْمِفْتَاحِ، وَرَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي فُنُونٍ عَدِيدَةٍ لَعَلَّهَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ رِسَالَةٍ، وَتَصَانِيفُ فِي الْفَارِسِيَّةِ وَتَارِيخُ آلِ عُثْمَانَ بِالتُّرْكِيَّةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ فِي كَثْرَةِ التَّآلِيفِ وَالسُّرْعَةِ بِهَا وَسَعَةِ الِاطِّلَاعِ فِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ كَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. وَعِنْدِي أَنَّهُ أَدَقُّ نَظَرًا مِنْ السُّيُوطِيّ وَأَحْسَنُ فَهْمًا، عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا جَمَالَ ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَلَمْ يَزَلْ مُفْتِيًا فِي دَارِ السَّلْطَنَةِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ (940) . اهـ. تَمِيمِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلهُ: مَعَ تَحْقِيقَاتٍ) حَالٌ مِنْ مَا حَرَّرَهُ: أَيْ مُصَاحِبًا مَا حَرَّرَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ لِتَحْقِيقَاتٍ اهـ ح، وَالْمُرَادُ بِهَا حَلُّ الْمَعَانِي الْعَوِيصَةِ، وَدَفْعُ الْإِشْكَالَاتِ الْمُورَدَةِ عَلَى بَعْضِ الْمَسَائِلِ أَوْ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَتَعْيِينُ الْمُرَادِ مِنْ الْعِبَارَاتِ الْمُحْتَمَلَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَذَاتُ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النَّقْلِ عَنْ أَهْلِهَا. (قَوْلُهُ: سَنَحَ بِهَا الْبَالُ) فِي الْقَامُوسِ: سَنَحَ لِي رَأْيٌ كَمَنَعَ سُنُوحًا وَسَنْحًا وَسُنْحًا: عَرَضَ وَبِكَذَا عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ اهـ فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ مِثْلُ أَدْخَلْت الْقَلَنْسُوَةَ فِي رَأْسِي وَالْأَصْلُ سَنَحَتْ: أَيْ عَرَضَتْ بِالْبَالِ أَيْ فِي خَاطِرِي وَقَلْبِي، وَعَلَى الثَّانِي لَا قَلْبَ؛ وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ أَنَّ قَلْبِي وَخَاطِرِي عَرَضَ بِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ، وَهَذَا مَا جَرَتْ عَلَيْهِ عَادَتُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ التَّعْرِيضِ بِالرُّمُوزِ الْخَفِيَّةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَتَلَقَّيْتهَا) أَيْ أَخَذْتهَا عَنْ أَشْيَاخِي عَنْ فُحُولِ الرِّجَالِ: أَيْ الرِّجَالِ الْفُحُولِ الْفَائِقِينَ عَلَى غَيْرِهِمْ. فِي الْقَامُوسِ: الْفَحْلُ الذَّكَرُ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، وَفُحُولُ الشُّعَرَاءِ الْغَالِبُونَ بِالْهِجَاءِ عَلَى مَنْ هَاجَاهُمْ. اهـ. قَالَ ح: وَأَوْرَدَ أَنَّ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ، تَنَافِيًا، فَإِنَّ الْبَالَ إذَا ابْتَكَرَ هَذِهِ التَّحْقِيقَاتِ جَمِيعَهَا فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَلَقِّيًا لَهَا جَمِيعَهَا عَنْ فُحُولِ الرِّجَالِ؟ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ سَنَحَ بِبَعْضِهَا الْبَالُ وَتَلَقَّيْت بَعْضَهَا عَنْ فُحُولِ الرِّجَالِ اهـ أَيْ فَهُوَ عَلَى حَدِّ