قَبْلهُ:
مالي في عذريتي عذر ... قد انقضى العمر فلا عُمْرُ
إن الثلاثين التي قد مضت ... فيها لذي معتبرٍ [خُبْرُ]
هبني قد عمرت أمثالها ... أليس عقباها [هو القبرُ]
أستغفر اللَّه فكم مذنبٍ. البيت
ومِنْ هَذَا البَابُ قَولُ أَبِي العَلاءِ المَعَّرِي:
أسْتَغْفِرُ اللَّه كَمْ تَسْتَحدِثُ المُهجُ ... وللمَنُونِ بِلاف الوَرَى لَهجُ
بُقراطُ سِيرة للتُربِ حَامِلهُ ... ورَهطهُ فتَساوَى القَرْمُ والهَمْجُ
أَمَّا الحَياة فغَمَاهَا مُوَاصلَةً ... عَلى الأيَّامِ فَهَل فِي مِيَتةٍ فَرجُ
ومَا يَلبَثُ شَخْصٌ أنْ نُعِيّرهُ ... قَرٌّ يَضرُّ وحَرٌّ بَعْدهُ يَهِجُ
وقتٌ يَمُرُّ وأنْفَاسٌ مُرَدَّدَةٌ ... بِهَا تَقضتْ شُهورَ المَرءِ والحُجَجُ
والدَّهرُ كالبَحرِ مَنْ يَركبْ سَفِينتَهُ ... يَغْرق ولَمْ تُغنِ مِنْ تَيارِه اللجَجُ
فاحْذَر مِنَ الأنْسِ إِنَّ الأنسَ معْطَبَةٌ ... ولا تَغُرُّكَ قُرْبَى مِنْهُم تَشَجُ
قَدْ حَدثوكَ بِأنْبَاءٍ فَمَا صَدَقوا ... وجَاَدلوكَ فَلمَ تَثْبِتْ لَهُمْ حُجَجُ
أَبُو العلاءَ المعَرِّيّ مِنَ استغفَاريَّاتهِ:
أسْتَغْفِرُ اللَّه في سِرِّي وفِي عَلَني ... كأنَّ جدّي وإن طال العِنادِ ددُ
جِسمِي ورُوحِي لمَّا استُجمِعا ... صَنَعا شَرًّا إليّ فغرَّ الواحِدُ الصَّمدُ
فالشَّخصُ يَعذِلُ النَّفسَ مُجتَهِدًا ... وتِلكَ تزعمُ أَنَّ الظَالِمَ الجَسدُ
إذاهُما بعَدُ طول الصُّحبَةِ افترَقا ... فإنَّ ذاكَ لأحداثِ الزَّمانِ يدُ
وأصبح الجوهرُ الحمَّاسُ في محنٍ ... موصولةٍ واستراحَ الآخرُ الجمدُ
يقولُ مِنها:
النَّاسُ مُذ خُلِقوا في أرضهم جُبلوا ... عَلى الفسَادِ فَقمين قَولنا فَسَدوا
اللهُمَّ تَحمِلها منَّا خنًى ... فَمَا يخافُ هجومَ الغَابةِ النَّقدُ