ومَا هُو إلا القَولُ يَرى فيَغْتدِي ... لَهُ غُرر فِي أوْجُهٍ ومَواسِمُ
يَرَى حِكمة مَا فيهِ وهوَ فُكَاهةٌ ... ويَقْضِي بِمَا يَقْضي بِهِ وهُو ظالمُ
وليَس بيَانُ للعُلى خُلقُ امْرئٍ ... وإنْ جَلَّ إلا وهُو المَالُ هادمُ
ولَولا خِلال سنَّها الشِّعرُ ما دَرى ... بغاةُ النَّدى مِن أينَ تُؤتى المَكَارِمُ
منصورُ النمري في الرشيد:
17891 - يَنالُ بالرِّفقِ مَا يَعي الرِّجالُ بِهِ ... كَالموتِ مُستَعجِلًا يَمشي عَلَى مَهَلِ
17892 - يَنالُ نَوالُكُم من شطَّ عَنكُم ... فَكَيفَ تَضِيعُ عِندكُم الضّيوُفُ
قالَ المُفضل الضَّبي: زَاملتُ الرَّشيدَ عندَ مُنْصرفهِ مِنْ مَكَّة، فقَالَ لي يَومًا: أنْشِدني أبياتَ زِيادٍ بن الأصَمِّ فِي الذِئبِ وكانَ قَد قَتلَ الأتْراكَ ذِيْبًا وطَرحُوه بَينَ يَديه فَأنشدتُهُ (?):
هُو الخَبِيثُ عَينُه فِرارهُ
فِي فَمهِ شَفرٌ بهِ نَارهُ
أطْلس يُخْفي شَخْصَه غبارهُ
فَقَال: قاتلهُ اللَّه مَا أحْسنَ ما وصَفهُ وأجْمَعَ مَا قَالَ فِيهِ جَعَلهُ لا يَحْتاجُ عِنْدَ افْتِراسِهِ أن يَقبسَ نَارًا يَقْرى بِهَا ولا مِديةٍ يَنْحر بِهَا.
ثُمَّ قَالَ لِي: أتَعْرِف فِي هَذَا مَا هو أوْجَز مِمَّا ذَكَر؟ قُلْتُ: لا أعْرِف ولَكِن أحْفَظ لَهُمْ مَا هُوَ أشدُّ لأخْلاقِهِ وصْفًا إذا عَدَا مُستَشيِرًا قَنْصًا قَالَ لا أحْسبُ أحَدًا يَفِي بِذلكَ فَإن جِئْتَ بهِ فَلكَ هَذَا وكَان يُقلبِ بَينَ أصابِعهِ خَاتمًا فَصُّهُ يَاقوتٌ أحْمر اشْتَراهُ لَهُ الفَضل ابن الرَّبيع بِألفٍ وسِتمائة دِينار فَقُلتُ يَا أميرَ المُؤْمِنين حَميدُ بنُ ثَور الهِلاليَ فَبدَرَني وقَالَ لعَلكَ تُريدُ قَولَه، يَنام بِإحدَى مُقْلَتيهِ، البَيْت، قُلتُ نَعم قالَ واللَّه مَا كَشفَ لكَ هَذَا إِلَّا عَنْ غِطاء خَفِي ولا أحْسَبُ ذاكَ إلا لمَّا سَبَب لكَ مِنْ سَلْبِي