إِنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَه
وَإنَّهُ يُدْخِلُ فِيْهَا إصْبَعَه
يُدْخِلُهَا حَتَّى تُوَارِي أشْجَعَه
كَأَنَّمَا يَطِلِبُ شَيْئًا ضيَّعَهْ
فَرَفَعَ النُّعْمَانَ يَدَهُ وَقَالَ: أُفٍّ لِهَذَا الطَّعَامِ وَالتَفَتَ فَقَالَ: يَا رَبِيْعُ مَا أنْتَ بِآكِلٍ مَعَنَا بَعْدَ اليَومُ. فَقَالَ الرَّبِيع: كَذَبَ وَاللَّهِ أيُّهَا المَلِكُ أبَيْتَ اللَّعْنَ مَا أَنَا كَمَا ذَكَرَ وَاللَّهِ لَقَدْ نِكْتُ أمَّهُ. فَقَالَ لَبِيْدٌ: كُنْتَ لِذَلِكَ أهْلًا وَكَانَتْ بِنْتَ عَمِّكَ وَفِي حِجْرِكَ وَمِثْلُكَ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِابْنَةِ عَمِّهِ وَأيْضًا فَهيَ مِنْ نِسَاءٍ فُعُلٍ أي زَوَانِي، وَكَانَ المَلِكُ إِذَا فَلَجَ الرَّجُلُ عِنْدَهُ على خصْمِهِ زَادَهُ وِسَادَةً وَأمَرَ فَلُقِّمَ عَشْرُ لُقَمٍ مِنْ طَعَامِهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِلَبيْدٍ وَانْصَرَفَ الرَّبِيع إِلَى رَحْلِهِ فَبَعَثَ إلَيْهِ النُّعْمَانَ بِضعْفِ مَا كَانَ يَصلُهُ بِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَأَمَرَهُ بِالانْصِرَافِ فَقَالَ الرَّبِيعْ: قَدْ عَلِمْتُ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِ الملِكِ وَلَسْتُ أبْرَحُ حَتَّى يُرْسِلَ إلَيَّ مَنْ أتَجَرَّدُ لَهُ فَيَنْظُرَ إلَيَّ لِيَعْلَمَ بَرَاءتِي فَأرْسَلَ إلَيْهِ سَلْ قَوْلَ الغُلامِ فَأيْسَرَ الرَّبِيع حِيْنَئِذٍ وَقَالَ (?):
لَئِنْ رَحَلَتْ جمَالِي لإلَى سِعَةٍ ... مَا مِثْلُهَا سِعَةٍ عَرْضًا وَلَا طُولا
فَقَالَ النُّعْمَانُ مُجِيْبًا لَهُ:
شَرِّدْ بِرَحْلِكَ عَنِّي حَيْثُ شِئْتَ وَلَا ... تُكْثِرْ عَلَيَّ وَدَعْ عَنْكَ الأقَاوِيْلا
وَارْحَل بِحَيْثُ عَلِمْتَ الأرْض وَاسِعَة ... وَانْشِرْ بِهَا الطُّرْقَ إن عرْضًا وإنْ طُولا
قَدْ قِيْلَ مَا قِيْلَ إن حَقًّا وإنْ كَذِبَا. البَيْتُ
فَرَحَلَ الرَّبِيْعُ وقال: لَسْتُ بِقَائِلٍ لابنِ جَعْفَرَ بَعْدَهَا شَيْئًا فَإنِّيَ لا أُنْصَرُ عليهم.
أَبُو عَلِيّ مُحَمَّد الحَاتِمِيّ فِي قِصَرِ اللَّيْلِ:
12003 - قَدْ كَادَ يَعثُرُ أُولاهُ بِآخِرِهِ ... وَكَادَ يَسْبِقُ مِنْهُ فَجْرَهُ الشَّفَقَا