فَقَالَ: لَا أجِدُ نَفْسِي سَرِيْعَةً إِلَى التَّصْدِيْقِ بِأنَّ العُقُوْلَ في مِثْلِ هَذَا تَتَوَافَى وَعَبِيْدٌ وَامْرُؤُ القَيْسِ كانا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ.

وَأخْبَرَ مُحَمَّدُ بن عِمْرَانَ عَنْ ابن دُرَيْدٍ عَنِ عَمِّهِ عَنِ أبِيْهِ عَنِ ابنِ الكَلْبِيِّ عَنِ رَجُلٍ مِنْ أهْلِ خُرَاسَانَ. قَالَ: لَمَّا أُصِيْبَتْ عَيْنُ ثَابِتِ قُطْنَةَ العَتَكِيِّ يَوْمَ سَمَرْقَنْدَ، قَالَ بَيْتًا يَهْجُو فيْهِ نَفسَهُ، وَهُوَ (?): [من البسيط]

مَا يَعْرِفُ النَّاسُ مِنْهُ غَيْرَ قُطْنَتِهِ ... وَمَا سِوَاهَا مِنَ الأَنْسَابِ مَجْهُوْلُ

ثُمَّ اسْتَوْدع هَذَا البَيْتَ قَاضِي سَمَرْقَنْدَ، وَقَالَ: عَسَى أَنْ يَرْمِيَني بِهِ شَاعِرٌ، فأكُونَ قَدْ سَبَقْتُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ جَاوَرَ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْ بَنِي حَنِيْفَةَ يُقَالُ لَهُ: حَاجِبُ الفِيْلِ، فَرَكِبَ الرَّجُلُ مُهْرًا لَهُ، فَسَقَطَ عَنْهُ، فَتَشَاغَلَ أهْلُهُ بِهِ عَنْ ثَابِتِ قُطْنَةَ، وَأبْطَأَ عَلَيْهِ عَشَاؤُهُ، فَقَالَ: [من البسيط]

أتَارِكُوُنَ عَشَائِي لَا أبَالَكُمُ ... أَنْ خَرَّ عَنْ ظَهْرِ مُهْرٍ حَاجِبُ الفِيْلِ

خَطْب يَسِيْر عَلَيْنَا فَلْقُ حَاجِبِهِ ... وَشَجَّة سَبَرُوْهَا بِالمَلَا مِيْلِ

فَلَمَّا أصْبَحَ حَاجِبُ الفِيْلِ، أَنْشَدُوْهُ هَذَيْنِ البَيْتِيْنِ، فَقَالَ:

مَا يَعْرِفُ النَّاسُ مِنْة غَيْرَ قُطْنَتِهِ ... وَمَا سِوَاهَا مِنَ الأنْسَابِ مَجْهُوْلُ

فَقَالَ ثَابِتٌ: [من البسيط]

هَيْهَاتَ ذَلِكَ شَيْء قَدْ سُبِقْتَ بِهِ ... فَاطْلُبْ لَهُ ثَانِيًا يا حَاجِبَ الفِيْلِ

وَمِمَّا يَبْعُدُ فِي نَفْسِي صِحَّةُ مِثْلِهِ، وَالاتِّفَاقُ فِيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ فيهِ تَبَاينٌ، وَلَا تَغَايرٌ مَا رَوَاهُ أَبُو عُمَرَ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنِ الأَثْرَمِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ. قَالَ: خَرَجَ جَرِيْرٌ والفَرَزْدَقُ مُرْتَدِفِيْنَ عَلَى نَاقَةٍ إِلَى هِشَامِ بن عَبْدِ المَلِكِ، فَنَزَلَ جَرِيْرٌ يَبُوْلُ، فَجَعَلتِ النَّاقَةُ تَتَلَفَّتُ، فَضَرَبَهَا الفَرَزْدَقُ وَقَالَ (?): [من الوافر]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015