وَيُروَى هَذَا الشِعرُ لبَعضِ الأَعرابِ.

6060 - بَكَى دَوبَلٌ لَا أَرقَأَ اللَّه عَينَهُ ... ألا إِنَّما يَبكي مِنَ الذُلِّ دَوبَلُ

كَانَ أَبوُ الجَيشِ مُجاهدُ بنُ عَبد اللَّهِ العَامرِيُّ المُوفَّقُ مَولَى عبدِ الرَّحمَن النَّاصِر بن المَنصُورِ محمّد بن أبي عَامرٍ من أَهلِ الأدَبِ والهمَّة وَالشجَاعَةِ والجَلادَة فلمَّا جَاءَت أيّامُ الفتنةِ وذَهَبت دَولةُ أَبِي عَامرٍ قَصَدَ أَبُو الجَيشِ فيمن تَبِعَهُ الجَزائِرَ الّتِي في شرق الأندلُسِ وَهي جزائِرُ خِصبٍ وَسَعَةٍ فَغَلبَ عَليهَا وَحَمَاهَا ثُم قَصَدَ مِنْهَا في المَراكِبِ سَردَانيةَ وهي جَزيرَةٌ من جزائِر الرُومِ كَبيرةٌ في سَنَةِ ستٍّ أو سَبعٍ وَأَربع مائةٍ فَغَلَب على أكثَرِهَا وأَفتَحَ مَعاقلَها ثم اختَلقت عليه أَهواءُ الجُندِ وجاءَت أَمداد الرُوم وَقَد عَزمَ عَلى الخرُوجِ منها يُريد أخذ من نسعَب عَليهِ فعَاجَلَتهُ الرُوم وغلبَتْ على أَكثر مراكِبِه.

فأَخبر أَبُو محمّد عليّ أَحمدَ قَال: حدّثني أَبُو الفُتوح ثابت بن محمّد الجُرجَانِي، قال: كُنتُ مَعَ أَبِي الحَيش مُجاهدٍ أيام غزاتِهِ سَرادَانية فأدخَل المَراكِبَ في مرسًى نَهاهُ أبو خرُّوبٍ رئيس البحريّين عنه فلَم يقَيل منه فلمَّا حَصَلَ في ذلك المرسى هبَّت ريحٌ فجَعلت تَقذفُ مَراكبَ المُسلمِين مركبًا مركبًا إِلَى الرِّيف والروُمُ وقوفٌ لَا شُغل لهم إِلَّا الأَسرُ والقَتلُ للمُسلمينَ فكُلّما سَقَط مَركبٌ بين أَيديهم جَعَل مُجاهدٌ يَبكي بأعلَى صوتهِ لَا يَقدرُ هُو ولا غَيرهُ على أكثر من ذلك لارتجاج البَحرِ وزِيادةِ الرِّيح قال فَيُقبل عَلَينا أَبُو خَرُّبٍ ويُنشدُ، بَكَى دَوبَلٌ لَا أرقأ اللَّهُ عَينَهُ، البَيتُ. ثم يقولُ قَد كُنتُ حَذّرتُهُ مِنَ الدُخُولِ هَاهُنا فلم يَقبَل قَالَ: فَبجريعَةِ الذَّقن مَا تخلصنا في يَسيرٍ منَ المَراكبِ إِلى أَن عَاد مُجاها إِلى الجزائِرِ الأَندَلُسيَّة التي كَانت في طَاعَتِهِ.

امرُؤ القَيْسِ:

6061 - بَكَى صَاحبي لمَّا رأى الدّربَ دُونَهُ ... وَأَيقَن أَنَّا لاحقَانِ بِقَيْصَرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015