كَانَ سَعيدُ بنُ حُميدٍ أَبلغَ النَّاسِ في ذكِر الهَدايَا الَّتِي يُتهَادَى بِهَا في أيَّام النُّوروزِ وَالمَهرجان وَغَيرُ ذلكَ وَكَانَ أحمدُ بُن يُوسفَ هُوَ النَاتج لهَذِه البَابِ وَهو أوَّل من أحسَنَ العَبارَةَ عنها حينَ كَتَبَ إِلى المأمُونِ وَقَد أَهدَى لَهُ سَفطًا مِنَ الذَهب وَفيهِ قطعة عودٍ هِندِيٍّ بمقدارِهِ: هَذَا جَرَت بِهِ العَادَةُ بإلطافِ العَيدِ السَادَةَ وقَد قلتُ: عَلى العَبد حقٌ فهو لَا بدَّ فاعِلهُ، البَيتانِ، وهُمَا مَكتُوبَان في بَاب عَلَى، فيقول سَعيد بن حُميدٍ عَلَى هذا المَنثور والمَنظومُ الذي لأحمدَ بنِ يُوسُفَ في كثيرٍ من مُكاتباتهِ إلى الأَحيانِ وَالرؤساءِ فمنهَا مَا كَتبَ إِلى ابنِ يَزدادَ: النفسُ لكَ وَالمالُ مِنكَ والرّجاءُ مَوقُوفٌ عَليكَ والأَملُ مَصروفٌ إِلَيكَ فَمَا عَسينَا أَن نُهدِيَ إِليكَ في هَذَا اليَوم وهُوَ يَومٌ شملتُ فيه العَادَةُ الأتباع وَالأولياءِ بإهدائِهم للسَّادَةِ العُظماءِ وكَرِهنا أن نُخليه مِنْ سُنّتهِ فاقتصرنَا عَلَى هَديَّةِ تقضي بَعضَ الحَقِّ وَتأخُذُ بطَرفٍ منَ البِرِّ، وبَنَى جَميعَ رسائِلِه عَلَى هَذَا النَمطِ وَكَذلكَ إِشعارَهُ فمِن ذلكَ مَا كتبَ إِلى علي بن يَحيَى (?):
مِن سُنّة الأَملَاكِ فيما مَضى ... من سَالفِ الدَهرِ وإِقبالِهِ
هَديَّةُ العَبدِ إِلَى مَالكٍ يَـ ... ـحكُمُ في العَبدِ وَفِي مَالِهِ
فَقلتُ مَا أهدى إِلى سَيّدٍ ... حَالي إِذَا فَكّرتُ من حَالِهِ
فَليسَ إِلَّا الحَمدُ والشُكرُ ... وَالمَدحُ الَّذِي يَتقَى لأَمثَالِهِ
ومَن ذلك مَا كَتَبَ إِلى الحَسَنُ بن مَخلدٍ.
إِن أُهدِ نَفسِي فَهو مَالِكُهَا، وقَد كُتبت ببَابِها.
وَكتب إلى آخر: هديّتي تقصر عَن همَّق، وهَي ببابهَا
وَكَتَبَ: طَرَحتُ الهَدايَا، وهيَ ببَابِها
وَكَتَبَ: لو كنت لا أهدي إِلى أن أَرَى، وهي بَبابِها
وكَتَبَ: وَلمَّا أَن رَأَيتُ ذَوِي التَّصافِي، وَهي مَكتوبَةٌ ببَابِهَا
فَليسَ لأَحدٍ في ذكرِ الهَدايَا كَمَا لِسَعيدِ بن حُمَيدٍ.