كانت لها مناهج أوضحتها في صدر تأليفها. . فالمفضل له منهجه والأصمعي سار على طريقته وصاحب الاختيارين سايرهما في الجمع. والحماسة لها أسلوبها الذي أوضحه أبو تمام ومن جاء بعده وتبقى ظاهرة جمع أشعار الشعراء أفرادًا وقبائل نهجًا آخر. أما جمع الأبيات المفردة التي اعتمدت أبياتًا للاستشهاد اللغوي فقد أخذت طريقًا آخر لأنها جاءت لتأكيد قاعدة، وقد امتد هذا التأليف إلى عصور متأخرة أعقبتها شروح تجاوزت أبيات الشواهد إلى بيان سابق الشاهد ولاحقه إن وجد أو إيراد القصيدة التي منها الشاهد وتفسير المفردات والكشف عن معنى الأبيات اعتمادًا على من سبق من العلماء ناقلين عنهم بدقة وأمانة ناسبين الفضل إلى أهله. وقد قدمت هذه الكتب مادة أدبية وبلاغية ونقدية غزيرة وتراجم ثرة فكانت أقرب إلى كتب الموسوعات منها إلى كتب الشواهد وفي شرح شواهد المغني للسيوطي وشرح أبيات مغني اللبيب والخزانة للبغدادي صورة لهذا التوسع في المعرفة والاستيفاء لما قدمته من معلومات لم ترد إلا فيها وقد اعتمدت هذه الكتب على مكتبات ضخمة نادرة قلما توفرت لغيرهم من العلماء. . .
وكتاب (الدر الفريد وبيت القصيد) يمثل تقدمًا على تلك الكتب لأن صاحبه اختار الأبيات المختارة والمنقحة التي تحتوي على فصيح اللفظ وصحيح المعنى والمستولي على أساليب الحسن والجمال والمشتمل على أوصاف التمام والكمال. .
يقدم المؤلف لكتابه بمقدمة تصل إلى مائة وأربع وثمانين صفحة من الكتاب يتحدث عن البيان وفصاحة لسان العرب والحكم التي بأطراف ألسنتهم معقودة وأشار إلى أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمع الشعر وأنشد في مسجده واستشهد به، ثم انتقل إلى الحديث عن طبقات الشعراء وتقسيم الشعر إلى أربعة أضرب، ووقف عند أسباب الشعر حتى إذا خلا من واحد منها كان كالحيوان الذي عابه نقص في خلقته وشَانَه فقد شيء من أعضاء صورته أولها فصاحة اللفظ وإبداع المعنى ويستطرد في ذكر النماذج للتدليل على فصاحة اللفظ. أما إبداع المعنى فهو أن يأتي الشاعر بمعنى غريب لم يسبق إليه قد اخترعته فطنته وابتدعته قريحته ثم يذكر أصناف البديع كصدق التشبيه ومشاكلة التجنيس ومباينة التطبيق ووقوع التضمين ونصوع الترصين وصحة التقسيم