ولا يكسى إلا من كسى لله ولا يكفي إلا من اتكل على الله ومصداق هذا من كتاب الله يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ويطعمون الطعام على حبه إلى قوله فوقاهم الله شر ذلك اليوم أي من إزالة الجوع والعطش والعري إلى غير ذلك من أهوال يوم القيامة وإفزاعها ثم قال سيدي عبد الرحمن في قوله {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} فعن ابن مسعود تبدل الأرض ناراً والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها وعن علي تبدل الأرض فضة والسماء ذهبا وعن جعفر بن محمد تبدل الأرض خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة ثم قرأ وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وعن سعيد بن جبير ومحمد بن كعب تبدل الأرض خبزة بيضاء فيأكل المؤمن من تحت قدميه وما ذكرناه من هذا المعنى مروي في الصحيح، قال ابن عطية روي في تبديل الأرض أخبار منها في الصحيح يبدل الله هذه الأرض بأرض عفراء بيضاء كأنها قرصة نقي وفي الصحيح أن الله يبدلها خبزاً يأكل المؤمن منها من تحت قدميه ثم روى ابن عطية عن أبيه أن التبديل في الأرض لكل فريق ما يقتضيه حاله فالمؤمن يكون على خبز يأكل منه بحسب حاجته وفريق يكون على فضة إن صح السند بها وفريق الكفرة يكونون على نار ونحو هذا مما كله واقع تحت قدرة الله عز وجل
قال الغزالي في الدرة الفاخرة والناس على أنواع في المحشر فالملوك كالذر كما جاء عن المتكبرين وليس المراد كهيئة الذر في الحلقة وإنما المعنى أنهم تحت الأقدام حتى صاروا كالذر في مذلتهم وانحطاطهم وقوم يشربون ماء بارداً عذباً زلزالاً لأن الصبيان يطوفون على آبائهم بكؤوس من أنهار الجنة وقوم مد على رءوسهم ظل يمنعهم من الحر وهي الصدقة الطيبة وذكر القرطبي عن أبي بكر برجان في إرشاده ولا يبعد عنك رحمك الله أن يكون الناس كلهم في صعيد واحد وموقف واحد سواء وأحدهم يشرب وآخر لا يشرب وأحدهم يسعى نوره بين يديه والآخر في الظلمة وأحدهم في حر الشمس وآخر مستظل بظل العرش مع قرب المكان والمجاورة لأنهم كانوا كذلك في الدنيا يمشي المؤمن بنور إيمانه بين الناس والكافر في ظلام كفره والمؤمن في وقاية الله