لأن وفاته سنة سبع وسبعين وسبعمائة ولم يكبر عليه إذ ذاك سوى توالي إمامة التراويح من لا يصلح للإمامة واجتماع الشباب ومن يصبو ويميل للهوى والأغاني لاستماع القراءة فيميل بهم الطبع إلى ما فطروا عليه من الفساد لعدم الرياضة لطريق الرشاد وقد تفاقم الخطب بعده في وقتنا هذا لو رآه أو سمع به لضاق عليه التعبير وذلك أنه لا تبقى كهلة ولا شابة إلا وأخذت أهبتها مما في وسعها من حللها وحليها وحضرت المسجد بعد العصر من ليلة سبع وعشرين وأهل العلم يرون ذلك وربما استعذر بعضهم وقال لا قدرة له ولا يبقى في البلد فتى ولا شاب إلا وحضر ذلك المجمع ويبيتون ليلتهم كذلك وفريق من الناس يصلون وفريق فيما شاء من الصياح وفريق من التمتع بالنظر ويون ذلك تبركاً بالليلة المباركة وما هي إلا كما قال الحريري عام هياط ومياط فهي ليلة هياط ومياط فسبحان ربنا ما أوسع حلمه وكنت أظن أن هذا قريب العهد لعدم الحكم وانقضاء العلماء حتى رأيت هذا السيد تبرأ مما وقع له من ذلك في وقته وأما المستضعفون من المؤمنين متبرئون مما تبرأ منه وزيادة ما يزيد من ذلك في وقتنا وحسبنا الله ونعم الوكيل ممن يستحل شيئاً مما نهى الكتاب والسنة عنه فلم يرد بقراءته وجه الله وهو ممن قال فيه صلى الله عليه وسلم أشد الناس عذاباً عالم لم ينفعه الله بعلمه

فإن قيل الاستماع لطلب الرقة ممدوح وكل واحد من المستمعين وجد رقة وحالة انتقل بها في باطنه لحالة أخرى بها وجد

(فالجواب) أن الوجد إلهي وشيطاني فالإلهي يورث الأحوال الحسنة الشرعية فيسرع الى التوبة ويندم على ما سلف له من سوء الفعل ويتبدل من حال المعصية للتوبة ويظهر عليه في حبه للآخرة ولإقبال على أسبابها من حينه لأنه تلي عليه كتاب سيده فلا يسعه إلا العمل بمقتضاه هذا في العاصي المقارب للخير وأما من سبق له الصلاح فإنه تنخرق له الأستار لسماعه وتتلقى سره هبات أسرار التوحيد على فسيح الامتياز ومعالم العرفان وأما الوجد الشيطاني فحرقة الهوى تتقد في أحشائه ينصرف بها إلى محبة الصور المحرمة ومعانقتها والانضمام إليها والتحدث معها وهكذا الباب والمرء فقيه نفسه فمن وجد من نفسه الحالة الأولى يندب في حقه الاستماع بشروطه ومن وجد الحالة الثانية حرم عليه الاستماع وإن كان بشروطه ومن كان بينهما بحيث لا يتضرر ولا يسأل وقتا مطلوباً به يجوز له الاستماع بشروطه وهي أن لا يكون هذا السماع بمحل يحضره الأحداث وسماع النساء والمساجد وأوقات الصلاة لأنه لهو مباح في حق من لا يتضرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015