موسى هو شعيب -عليه السلام- ويقول ابن كثير: وهذا ما ذهب إليه كثير من المفسرين، والطبري يقول روايةً عن الحسن: يقولون: شعيب صاحب موسى، ولكنه سيد أهل الماء يومئذٍ. وأجيب عنها: بأن شعيبًا -عليه السلام- كان قبل زمان موسى بمدة طويلة، لأنه قال لقومه: {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} (هود: 89) وقد كان هلاك قوم لوط في زمن الخليل إبراهيم -عليه السلام- بنص القرآن الكريم، وقد علم أنه كان بين موسى والخليل إبراهيم مدة طويلة تزيد على أربعمائة سنة، كما ذكره غير واحد.
وما قيل: إن شعيبًا عاش مدة طويلة، إنما هو احتراز من هذا الإشكال، وورد في رواية الحسن: ولكنه سيد أهل الماء يومئذٍ، كيف يكون شعيب -عليه السلام- سيد أهل الماء، وتنتظر ابنتاه بدون سقي حتى يصدر الرعاء؛ أي: يرجعون بماشيتهم ويتمنون سقيها، قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (القصص: 23).
من الجواب أيضًا: لو كان صهر موسى -عليه السلام- هو شعيب لما انتظرت ابنتاه السقي حتى ينتهي الرعاء ويصدر، وله رهط كبير، قال تعالى: {قَالَ يَا قَوْم أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} (هود: 92).
من الإجابات أيضًا: لم يذكر حديث صحيح، ولا نص قاطع يفيد بأن شعيبًا هذا الذي هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان هو صهر موسى -عليه السلام- كل ما ورد فيه لا يقوى إلى درجة الاعتبار في مثل هذا الموضوع، ولا يكتفى فيه بالشهرة، وكثرة أخذ المفسرين به؛ لأن ذلك وحده لا يكفي، وإنما المعول على ذلك النقل الصحيح من المصادر المعتمدة شرعًا، وهي الكتاب والسنة.