{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} فالله أمره أن يركض برجله في الأرض، فخرج له مغتسل بارد، تطهر منه واغتسل وشفاه ربه، وعاد إليه، ووهب له أهله، وما كان قد فقد منه في حياته.
ولما كان أيوب -عليه السلام- قد تغيبت عنه زوجه في بعض المواقف، وحلف أن يضربها، فالله -جل جلاله- بين له أن يضربها بحِزمة من الأعواد الخفيفة، فقال: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} الضغث: هي مجموعة من الأعواد الصغيرة، كحزمة صغيرة، ينفذ الوعد أو يفي بما قال في ضرب زوجته بشيء غير مؤذٍ، ولا يحنث، وأثنى عليه القرآن: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
ورد في هذه القصة إسرائيليات كثيرة، ووردت في كتب التفسير مثلما ذكرنا في ابن جرير، و (الكشف والبيان) للثعلبي ويمكن (الوسيط) أيضًا للواحدي، وتناقلها المفسرون والكثير من المفسرين كالرازي والقرطبي وغيرهما ذكروا القصة لبيان الإسرائيليات فيها.
نقول:
أولًا: قالوا: سبب بلائه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع. هذا كلام لا يعقل أنه رأى منكرًا فسكت عليه. الرأي الصحيح في هذه البلوى في سبب بلائه أن الله -جل وعلا- ابتلاه لرفع درجاته بلا زلة سبقت، كما قال ربنا في محكم كتابه: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت: 2) الاختبار وارد لرفع الدرجات.
ثانيًا: قالوا: من الإسرائيليات في امرأته، قالوا: إن امرأته باعت ضفائر شعرها برغيفين؛ لتطعم زوجها الذي لم يجد القوت. هذا الكلام غير مقبول؛ لأن الله -جل وعلا- أكرم من أن يعرض نبيه إلى هذا الحال، فالأنبياء إنما يُبعثون من أوساط الناس، وأكرم الناس، فأين كان أهله وذووه؟ كيف حال المؤمنين حولَه؟ هل تخلوا عنه في بلائه ومحنته؟ لا بد أن الأقارب يحيطون بالإنسان.