ذكر المفسرون كثيرًا من الإسرائيليات، فالإمام النسفي وغيره ممن نقل عنهم يقول: إن هاروت وماروت كانَا ملَكين، اختارتهما الملائكة لتركب فيهما شهوة؛ حيث إن الملائكة عيرت بني آدم بأنهم أفسدوا في الأرض وقتلوا وكذا وكذا، فكانَا يحكمان في الأرض، ويصعدان بالليل، الملكان، فهويا زهرة فحملتهما على شرب الخمر، فوقعا في جريمة الزنا، فرآهما إنسان فقتلاه، فاختارَا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة، فهما يعذَّبان منكوسين في جب ببلدة ببابل، وسميت ببابل لتبلبل الألسنة بها.
هذا في كتاب النسفي، ونقله عن غيره، والحقيقة ما ذكره النسفي في هذه القصة هو خلاصة ما ذكره المتقدمون، ومنهم ابن جرير الطبري وغيرهم من المفسرين، الذين نقلوا القصة عن الثعلبي وعن غيره.
وقد رُوِيَ في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل وغيرهم، ذكرت في كتب التفسير من المتقدمين والمتأخرين وتناقلها الناس.
الرد على هذه الإسرائيليات:
لا ينبغي أبدًا أن يشك مسلم عاقل فضلًا عن أهل العلم في أن ما ذكر في قصة هاروت وماروت باطل، قال الإمام ابن الجوزي: إنها موضوعة. قال: وما رُفع في هذه القصة حدثنا الفرج بن فضالة أن هذا الشخص ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: إنه يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، كما أن سند ابن داود ضعفه أبو داود والنسائي، وهذا يدل على أن هذه الرواية موضوعة. ألحقها الفرج بن فضالة بسند صحيح.