وكان لهذه الفرقة وجودٌ قوي أيام الأمويين؛ حيث كانوا يشكلون شوكة قوية في ظهرهِم؛ فحاربهم الأمويون؛ ثم كان عهد العباسيين، فنشبت الحروب بين الفريقين حتى تفرقت كلمة الخوارج، وضعفت قوتهم، وتعددت جماعتهم، فصاروا شيعًا وأحزابًا حتى وصلوا إلى عشرين حزبًا، ورغم أن هذه الأحزاب كانت متباينةً في العقيدة والمبدأ إلا أن الخوارج جميعًا يتفقون على أمرين: الأمر الأول: تكفير علي وعثمان، والحكمين، وأصحاب موقعة الجمل، وكل من رضي، أو شارك في التحكيم.
والأمر الثاني: وجوب الخروج على السلطان الجائر، وهناك أمر ثالث يعتقد به معظم أحزاب الخوارج ألا وهو: تكفير مرتكب الكبيرة.
ولننتقل إلى نماذج من أقوالهم في التفسير:
الخوارج جعلوا عقيدتهم ومبادئهم نُصْبَ أعينهم في المقام الأول، أما التفسير: فيأتي في المرتبة التالية، وهو كالفرع الذي ينتجُ عن المذهب، فجعلوا المذهب أصلًا، مع أن المفروض أن يكون المبدأ والاعتقاد تبعًا للتفسير الصحيح للقرآن، وبناء على هذا الوضع جاءت تفاسيرهم فيها مخالفات كثيرة، من ذلك في قوله -جل وعلا-: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران: 97) قالوا: إن تارك الحج كافر؛ لأن الله تعالى جعل تارك الحج كافرًا.
ثانيا: في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (آل عمران: 106) الآية قالوا: