وقد ظهرت تلك الفرقة في أواخر عهد عثمان -رضي الله عنه-، فلما كان عهد علي -رضي الله عنه- ظهروا على الساحة بشكل واضح ونما عددهم، واتسع شأنهم، فلما كان العهد الأموي، وكثر الظلم من الأمويين على العلويين، وتحركت شفقة الناس على العلويين كان هذا الظلم سببًا في اتساع المذهب الشيعي.
ورغم أن الشيعة انقسموا على أنفسهم إلى عدد من الفرق إلا أنهم جميعًا يكادون يتفقون على مبدأ واحد، وهو كما قال العلامة ابن خلدون: إن الإمامة ليست من مصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، ويعيَّنُ القائم بها تعينهم بل هي ركن الدين، وقاعدة الإسلام، ولا يجوز للنبي إغفاله، ولا تفويضه إلى الأمة. بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصومًا من الكبائر والصغائر، وأن عليًّا -رضي الله عنه- هو الذي عيَّنَهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وعلى رأس فرقة الشيعة فرقتان: الزيدية، والإمامية الاثنى عشرية، والإسماعيلية، وأن كانت في الحقيقة فرقٌ الشيعة كثيرة جدًّا أوصلها بعضهم إلى خمسٍ وعشرين فرقة، لكن على رأس هذه الفرق فرقتان الزيدية والإمامية.
أما الزيدية: فهم أتبع زيد بن علي بن الحسين -رضي الله عنهم- الذي تمرد على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك؛ طمعًا في استرداد الخلافة، فخذله أتباعه فَقُتِلَ وصُلِبَ، ثم أحرق جسده، وكانت الزيدية ترى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عرَّضَ بالإمامة لعلي -رضي الله عنه.
أما الإمامية: فيرون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نص على إمامة علي نصًّا وليس فقط عرض كما يقول الزيدية ويحصرون الإمامة بعد عليٍّ في ولده من فاطمة -رضي الله عنهم أجمعين-، والإمامية انقسموا إلى فرق كثيرة، أبرزها: الإسماعيلية الإثني عشرية والإمامية الإسماعيلية.
ما الإمامية الإثنا عشرية: فسموا بذلك نسبة إلى الإمام الثاني عشر محمد المهدي المنتظر، الذين يدَّعُون أنه دخل سردابًا في دار أبيه، ولم يعد بعد، بل هو مختفي، وإنما سيخرج آخر الزمان ليملأ الكون عدلًا وأمنًا بدلًا من الظلم والخوف.