رد الزمخشري قراءة ابن عامر ببناء الفعل لما لم يسمّ فاعله "وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادَهَمْ شُرَكَائِهُمْ" ببناء الفعل لما لا يسم فاعله، ورفع القتل وأضاف لشركائهم، فصار قتلُ أولادَهم شركائِهِم، وبخفض شركائهم، ونصب أولادَهُم، لوقوع القتل عليهم، وحال بينهم وبين المضاف إليه.
وفي ذلك يقول: وأما قراءة ابن عامر: "زُيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادَهَمْ شُرَكَائِهُمْ" برفع القتل، ونصب الأولاد، وجر الشركاء على إضافة القتل إلى شركائهم، والفصل بينهما بغير الظرف؛ فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر؛ لكان سمجًا مردودًا إلى أن قال: فكيف به في الكلام المنثور، فكيف به في القرآن المعجز بحسن لفظه ونظمه، وجزالته.
والذي جعله يقول بهذا: أنه رأى في بعض شركائهم مكتوب بالياء، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء؛ لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب.
ولقد احتج الزمخشري في رد هذه القراءة: بأنها مخالفةٌ للقواعد النحوية التي لا تجيز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير ظرف، كما أرجع خطأ ابن عامر في قراءته هذه إلى رسم المصحف؛ حيث قال: والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف شركايهم مكتوبًا بالياء؛ فالسبب إذًا في رد هذه القراءة في رأي الزمخشري: هو رسم المصحف، وأن ابن عامر اعتمد على المصحف، ولم يعتمد على الرواية، وهذا غير صحيح؛ بل إنه منكر مردود؛ وذلك لأن هذه القراءة رويت، وشاعت القراءة بها قبل تدوين المصاحف، وجمع القرآن، ثم حين دونت المصاحف لم يكن النقط عرف، ولا الشكل اخترع؛ فظهرت حركة القراءات قبل النقل، والضبط؛ فكانت قراءتهم للكلمة على حسب ما يروون، وينقلون لا على ما يقرءون في المصاحف.
وبهذا نقول: فالعمدة في القراءة الرواية والمشافهة والتلقي، وليس رسم المصحف أو خطه، ونحن لا يمكننا بحال أن نقبل من الزمخشري تخطئته لقراءة ابن عامر، بل