هناك أيضًا أن تفسر الآية تفسرًا يصادم الشرع ويأباه العقل، وذلك كما فسر بعضهم قوله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} (ق: 19) قال: إن الخطاب هنا للرسول، والإنسان يعجب من ذلك، والله تعالى يقول لرسوله: {وَلَلآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُوْلَى} (الضحى: 4) فهذا تفسيرٌ يصادم هذه الآية، ويأبى العقل قبوله؛ إذ كيف يفضل -صلى الله عليه وسلم- الحياة الفانية على الآخرة الباقية ذات النعيم الدائم والمتاع المقيم.
والصحيح: إن هذه الآية، إنما وردت للفاجر أو الكافر، أما البر المؤمن فلا يحيد عن الموت، ولا يهرب منه؛ فضلًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف يحيد النبي عن الموت، وهو الذي خيَّرَهُ الله بين الدنيا وبين ما عنده؛ فاختار ما عند الله كما ثبت في (الصحيحين).
أيضًا، هنا نجد نماذج لا يُرَاعَى فيها سياقُ الكلام أثناء التفسير وذلك كقول المفسرين في تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} (البقرة: 243) فالمعروف أن كلمة ألوف جمع ألف، لكن بعض المفسرين فسروا الألوف بالألفة، وهذا التفسير بعيد من سياق الكلام؛ لأنه لا معنى لذكر الألفة هنا، ولا مناسبة تقتضيها، وإنما التفسير الصحيح لقوله تعالى: {وَهُمْ أُلُوفٌِ} أي عددهم كثير، فالألوف جمع ألف، وهذا هو المناسب لسياق الكلام.
ننتقل من نماذج اللغة إلى ما يتعلق بعلم القراءات: والقراءات أيضًا هي من اللغة، إن البدع التي تتعلق بالقراءات في كتب التفسير صنفان؛