يعيب عليه الناس ويقولوا: تزوج محمد امرأة ابنه، وكان قد تبني زيدًا، وهذا هو السبب الصحيح في هذه الرواية.
وابن أبي حاتم والطبري رووا بسندهم قالوا: أعلم الله نبيه أن زينب ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، فلما أتاه زيد يشكوها، قال له النبي: اتق الله، وأمسك عليك زوجك، قال الله: قد أخبرتك أني مزوجكها، وتخفي في نفسك ما الله مُبديه؛ فالذي أخفاه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو أن الله أخبره بأنها ستكون من زوجاته، وخشي النبي أن العرب يلومون هذا التصرف؛ لأن العرب كانوا من عادتهم التبني، وكانت العرب تلحق الابن المتبنى بالعصبي، وتجري عليه حقوقه في الميراث، وتحرم زوجته على الوالد أو الأب الذي تبناه، وكانت تلك العادة متأصلة في نفوسهم.
فلما أخبر الله رسوله بذلك، وأن الله سيزوج رسوله منها؛ خشي النبي لومَ العرب وعتابهم، فيما ألفوها وتعودوه، وأن الإسلام سيقضي على حرمه زوجة الابن المتبنى، وسيقضي بأن زوجه الابن المتبني ليست كزوجة الابن العصبي، وبينت الآيات القرآنية أن ذلك: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (الأحزاب: 38).
فواضح في هذه الآيات: أن زواجَ رسول الله من السيدة زينب كان بأمرٍ من الله، وأن الله -عز وجل- أراد يبطل ما تعود عليه العرب من حرمه زوجة المتبني، فلما قضي الله ذلك أتم أمره، وأظهر هذا الأمر، وكان جبريل قد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن زينب ستكون زوجة له، وسيبطل الله بزواجه منها عادة العرب، ولكن النبي وجد غضاضةً على نفسه أن يأمر زيدا بطلاقِهَا، فتشيع المقالة بين الناس أن محمدًا تزوج حليلة ابنه، وبذلك يصير عرضةً للقيل والقال من أعدائه، وهو في دعوته لدين